يبرهن مشروع بناء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية في ضواحي العاصمة الأفغانية (كابول)، تبلغ كلفتها نحو ثلاثة أضعاف محطات أخرى من نوعها وتسدد من جيوب دافعي الضرائب الأميركيين، على أن وكالة المعونة الدولية الأميركية ومتعاقديها لم يتعلموا شيئا من الأخطاء المماثلة التي ارتكبوها في العراق.
فقد خلصت ثلاثة تحقيقات مستقلة في مشروعات إعادة بناء قطاع الكهرباء الأفغاني بتمويل من الولايات المتحدة، مضافة إليها سلسلة من التحقيقات والمقابلات التي أجرتها وكالة إنتر بريس سيرفس «آي.بي.إس» مع مسئولين في الحكومة الأفغانية وفي الشركات المتعاقدة، إلى أن محطة توليد الطاقة الكهربائية هذه ربما لا تستخدم أبدا.
فأولا، تجاهل المخططون الأميركيون مشروعات إعادة تعمير أخرى يجري العمل فيها وذات تكاليف أقل وإمكانات نجاح أكبر، ولم يلتفتوا إلى توصيات المسئولين الحكوميين الأفغان في هذا الشأن.
وثانيا، قرر هؤلاء المخططون الاستعانة بتكنولوجيات باهظة التكاليف غالبا ما ستعجز كابول عن صيانتها أو حتى استخدامها.
وثالثا، أصرت وكالة المعونة الدولية الأميركية على بناء محطة توليد الطاقة الكهربائية هذه في وقت قياسي ومن خلال نظام تعاقد معقد مع شركات متعددة؛ ما أدى إلى ارتفاع التكاليف بصورة مذهلة.
اتفقت وكالة المعونة الدولية الأميركية مع الحكومة الأفغانية في مايو/ أيار 2007 على بناء محطة توليد طاقة كهربائية باستخدام وقود الديزل وبقدرة 105ميغاوات في تاراخيل، على مسافة كيلومترين من مطار كابول. ورسا العطاء على شركتي البناء Louis Berger من نيوجيرسي و Black & Veatch من كانساس.
وضمنت الصفقة احتساب كمية الأرباح على أساس إجمالي الأموال التي تنفق على استكمال المشروع.
وهنا تعاقدت شركة Black & Veatch من الباطن، وبسعر ثابت، مع شركة Symbion Power من واشنطن التي نفذت ستة مشروعات بسعر ثابت لحساب الإدارة الأميركية في الأعوام الأربعة الأخيرة في بعض المناطق الأكثر توترا في العراق.
لكن شركة Symbion Power تعاقدت بدورها مع بضعة شركات في كابول منها AB Managers و Afghan Electrical Power Corporation وذلك لتوريد أيدٍ عاملة محلية.
ثم ظهرت المشكلة الأكبر عندما قررت وكالة المعونة الدولية الأميركية استكمال المشروع قبل الإنتخابات الأفغانية في العام 2009. فتعاقدت شركة Black & Veatch على إنتاج الآت «كاتربيلر» مصممة خصيصا في ألمانيا، بأسعار باهظة، نقلت جوا إلى كابول.
يذكر أن تكاليف بناء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام وقود الديزل في الشرق الأوسط وآسيا، عادة ما تبلغ نحو مليون دولار أو أقل لكل ميغاوات
العدد 2725 - السبت 20 فبراير 2010م الموافق 06 ربيع الاول 1431هـ