نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» من مصدر سعودي رفيع المستوى، أن السعودية اعترضت على توصية تمخض عنها اجتماع وزاري عربي عقد مؤخرا جمع 29 وزيرا و90 خبيرا عربيا ودوليا في مجال الزراعة والأمن الغذائي في شرم الشيخ أواخر الأسبوع الماضي.
وتركزت التوصية التي واجهت رفض السعودية، على إنشاء صندوق يعمل على تمويل مشروعات زراعية في عدد من الدول العربية، بالإضافة إلى تَبنّي خطة عمل مشتركة لزيادة الاستصلاح الزراعي في الدول العربية ذات القابلية لمثل تلك المشروعات.
وكان خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبد العزيز، قد تبنى إطلاق استراتيجية لزيادة الاستصلاح الزراعي والمشروعات الزراعية في الدول العربية التي تمتلك مقومات زراعية من حيث الخصوبة الأرضية، وتوافر المياه، التي يعاني منها عدد من الدول العربية.
واتجهت السعودية مؤخرا للاستثمار الزراعي في دول القرن الإفريقي، وانصبّت أكبر تلك المشروعات في الأراضي السودانية، التي تمتلك مقومات زراعية لا تمتلكها الدول العربية الأخرى.
وتوافر المياه كان أبرز النقاط الجاذبة لتلك المشروعات السعودية، التي فاقت كلفتها أكثر من مليارَي دولار. وعلل المسئول السعودي رفض بلاده للمقترح، بأنه مكلّف من الناحية المالية، والوقتية، في ظل وجود صناديق تمويلية عربية قائمة، من الممكن أن تقدم الدعم المرجو ذاته من الصندوق المقترح إنشاؤه.
وقال المسئول - الذي كان حاضرا في المؤتمر الوزاري العربي الإفريقي للتنمية الزراعية والأمن الغذائي الذي احتضنته شرم الشيخ أواخر الأسبوع الماضي، بحضور مندوب من جامعة الدول العربية نيابة عن أمينها العام، ومفوضية الاتحاد الإفريقي، والمفوضية الإفريقية للشئون السياسية - في تصريحات هاتفيه لـ «الشرق الأوسط» مفضّلا عدم الإفصاح عن هويته: «نحن نملك في العالم العربي صناديق تمويلية عدة، لها القدرة على تمويل المشروعات الزراعية المقترحة، وبإمكان تلك الصناديق والمصارف أن تقوم بعمليات التمويل التي تتكلفها تلك المشروعات، فإن تبنينا إنشاء الصندوق الجديد، فهذا سيكلّفنا المال الكثير، والجهد، والوقت، ونحن في غنى عن ضياع المال والجهد والوقت في آنٍ واحد».
ولم تقف السعودية عند رفضها للصندوق العربي، بل قدمت مقترحا لإنشاء وحدة، دورها دعم خطة عمل عربية مشتركة، تدخل ضمن أذرعه المنظمة العربية للتنمية الزراعية، لتضم في عضويتها جميع الدول العربية، وتتخذ من العاصمة السودانية (الخرطوم) مقرا لها، ولاقت الفكرة السعودية تلك تأييدا من أعضاء المؤتمر الوزاري العربي وفقا للمسئول السعودي.
من جانبه، علّق وكيل وزارة الزراعة السعودية لشئون الأبحاث والتنمية الزراعية، عبدالله العبيد، أن الاجتماع الوزاري تمخض عن ضرورة تسهيل المشروعات الزراعية العربية القائمة، بما فيها المشروعات التي تدخل في استثمارها القطاعات الخاصة العربية، مع ارتفاع فواتير الاستيراد الخارجي، والسلع الإستراتيجية الزراعية، لمواجهة ما سموه «الخطر الغذائي»، الذي بات عدد من الدول العربية التي لا تملك المقومات الزراعية تعانيه.
وتمخض الاجتماع الوزاري العربي، وفقا للعبيد الذي تحدث لـ «الشرق الأوسط» عبر الهاتف، عن «بيان شرم
الشيخ»، الذي حوى تبني الأفكار السعودية المقترحة، بالإضافة إلى تأكيد دعم وتبني مبادرة الملك عبدالله بن عبد العزيز للزراعة والأمن الغذائي في العالم والإسلامي، لإخراج عدد من الدول العربية والإسلامية من أزمات زراعية لحقت بها جراء نقص المياه على أراضيها.
وكانت السعودية لجأت مؤخرا إلى التفكير في تعويض مزارعي القمح من أجل استغنائهم عن ذاك النوع من النشاط الزراعي، لزيادة طلب القمح على المياه التي باتت السعودية تعاني قلّتها خلال السنوات القليلة الماضية
العدد 2725 - السبت 20 فبراير 2010م الموافق 06 ربيع الاول 1431هـ