العدد 2722 - الأربعاء 17 فبراير 2010م الموافق 03 ربيع الاول 1431هـ

أجندة حكومة الرئيس أوباما الخاصة بحقوق الإنسان والديمقراطية (2)

هيلاري رودام كلينتون comments [at] alwasatnews.com

إن احترام الحقوق في الدول الديمقراطية ليس خيارا يقرره القادة يوما بيوم، وإنما هو السبب الذي يجعلهم يحكمون. الأنظمة الديمقراطية تحمي وتحترم المواطنين في كل يوم، وليس فقط يوم الانتخابات. وتعبر الأنظمة الديمقراطية عن عظمتها ليس من خلال التشديد على أنها كاملة، بل من خلال استعمال مؤسساتها ومبادئها لجعل نفسها واتحادها أكثر كمالا، تماما كما تستمر بلادنا في عمله بعد مرور 233 عاما.

في نفس الوقت، يجب أن تُشكِّل التنمية البشرية جزءا من برنامج عملنا لحقوق الإنسان. ولأن المستويات الأساسية للرفاه والخير أي، الغذاء، والمأوى، والصحة، والتعليم، كما الأمور الحسنة المشتركة العامة كاستدامة البيئة، والحماية ضد الأمراض الوبائية، وتأمين الإغاثة للاجئين، كلها ضرورية للناس لتمكينهم من ممارسة حقوقهم، وذلك لأن التنمية الإنسانية والديمقراطية تتعززان بصورة متبادلة. ومن غير المحتمل للحكومات الديمقراطية أن تعيش طويلا إذا كان مواطنوها لا يملكون الضروريات الأساسية للحياة. فالقنوط الذي يسببه الفقر والمرض يقود في أحيان كثيرة إلى العنف الذي يعرض للخطر حقوق الناس ويهدد استقرار الحكومات بصورة إضافية. فالدول الديمقراطية التي تؤمن الحقوق، والفرص والتنمية لشعوبها تكون مستقرة وقوية وتستطيع بدرجة أكثر احتمالا تمكين شعوبها من تحقيق قدراتهم الكامنة.

وهكذا، لا تُشكِّل حقوق الإنسان والديمقراطية والتنمية ثلاثة أهداف منفصلة لها ثلاث أجندات منفصلة. ولا تعكس تلك النظرة الحقيقة التي نواجهها. فمن أجل إحداث فرق حقيقي طويل الأمد في حياة الناس، علينا أن نعالج تلك الأهداف الثلاثة بصورة متزامنة مع التزام ذكي، استراتيجي، عازم، وطويل الأمد. علينا أن نقيس درجة نجاحنا من خلال طرح هذا السؤال: هل هناك عدد أكبر من الناس في عدد أكبر من الأماكن يستطيعون ممارسة حقوقهم العالمية وتحقيق قدراتهم الكامنة بشكل أفضل بسبب ما نقوم به من أعمال؟

إن مبادئنا هي نجمنا القطبي الهادي، ولكن أدواتنا وأساليبنا يجب أن تكون مرنة وأن تعكس الحقيقة على أرض الواقع أينما نحاول أن نحقق تأثيرا إيجابيا. والآن، في بعض الحالات، تكون الحكومات راغبة ولكنها عاجزة، من دون دعم، عن إنشاء مؤسسات وإقامة حمايات قوية لمواطنيها، مثل الديمقراطيات الناشئة في إفريقيا. ويمكننا مد أيدينا كشركاء لمساعدتها في محاولة تثبيت السلطة وتحقيق التقدم الذي ترغب فيه. في حالات أخرى، مثل كوبا أو نيجيريا، تكون الحكومات قادرة ولكنها غير راغبة في إجراء التغييرات التي يستحقها مواطنوها. وهناك، علينا أن نضغط بقوة على القادة لوضع حد للاضطهاد، بينما ندعم الذين يعملون داخل تلك المجتمعات لإحداث التغيير. وفي الحالات التي تكون الحكومات غير راغبة وغير قادرة في آن واحد، في أماكن مثل الكونغو الشرقية، علينا أن ندعم أولئك الشجعان والمؤسسات الشجاعة الذين يحاولون حماية مواطنيهم والذين يصارعون ضد الاحتمالات الصعبة التي تهدف إلى زرع البذور لتأمين حياة أكثر أملا للمستقبل.

والآن، لا أحتاج لأن أقول لكم إن التحديات التي نواجهها متنوعة ومعقدة. وليست هناك أية مقاربة أو صيغة أو عقيدة أو نظرية وحيدة يمكن تطبيقها بسهولة على كل حالة. ولكني أريد أن أؤكد على أربعة عناصر في الأسلوب الذي تبنته حكومة أوباما لوضع مبادرتنا قيد التنفيذ، وأتشاطر معكم بعض التحديات التي نواجهها ونحن نقوم بذلك.

أولا، يبدأ الالتزام بحقوق الإنسان باتباع معايير عالمية شاملة وبجعل كل فرد مسئولا يحاسب على اتباع تلك المعايير بمن فيهم نحن أنفسنا. فقد أصدر الرئيس أوباما في اليوم الثاني لتوليه السلطة أمرا تنفيذيا يحرم استعمال التعذيب أو القسوة الرسمية من قبل أي مسئول أميركي وأمر بإغلاق سجن خليج غوانتنامو. وفي السنة القادمة، سوف نصدر تقريرنا حول الاتجار بالبشر كما نفعل في كل سنة، ولكن في هذه المرة سوف لن نتحدث فقط عن بلدان أخرى بل وأيضا عن بلدنا بالذات. كما سوف نشارك عبر منظمة الأمم المتحدة في المراجعة الدورية العالمية لسجل حقوق الإنسان لدينا تماما كما نشجع دولا أخرى على فعل ذلك.

فمن خلال جعل أنفسنا خاضعين للمحاسبة، سوف نعزز سلطتنا المعنوية لمطالبة كافة الحكومات بالالتزام بالواجبات بموجب القانون الدولي، من بينها، عدم ممارسة التعذيب، الاحتجاز التعسفي واضطهاد المعارضين، أو المشاركة في عمليات القتل لأسباب سياسية. يجب على حكومتنا وعلى المجتمع الدولي مواجهة ادعاءات أولئك الذين ينكرون أو يتخلون عن مسئولياتهم والقيام بمحاسبة المنتهكين.

في بعض الأحيان، سوف يكون لنا التأثير الأكبر من خلال التنديد علنا بأي عمل حكومي، كالانقلاب الذي حصل في هندوراس، أو ممارسة أعمال العنف في غينيا. وفي أوقات أخرى، من المحتمل أكثر أن نساعد المضطهدين من خلال الانخراط في مفاوضات عسيرة وراء أبواب مغلقة، مثل الضغط على الصين وروسيا كجزء من برنامج عملنا الأوسع. وفي كل حالة، سوف يكون هدفنا إحداث فرق، وليس إثبات موقف.

لكن الدعوة للمساءلة والمحاسبة لا تبدأ أو تتوقف عند تسمية المنتهكين. هدفنا هو التشجيع، وحتى المطالبة، بأن تتولى الحكومات أيضا المسئولية من خلال تثبيت حقوق الإنسان في صلب القانون وتركيزها داخل المؤسسات الحكومية، من خلال بناء نظام قضائي قوي ومستقل، وتشكيل شرطة كفوءة ومنظمة، وفرض تطبيق القانون. وبعد أن يتم تثبيت الحقوق يجب التوقع من الحكومات أن تقاوم إغراء تقييد حرية التعبير عند بروز انتقادات وان تسهر على منع جعل القانون يُشكِّل أداة للاضطهاد، مثل مشاريع القوانين التي تجري دراستها في أوغندا لتجريم المثليين.

نعرف أن كافة الحكومات وكافة الزعماء يقصرون أحيانا بواجباتهم. ولذلك يجب إنشاء آليات داخلية للمساءلة والمحاسبة عند انتهاك الحقوق. في أحيان كثيرة تكون أقسى الاختبارات للحكومات، الأساسية لحماية حقوق الإنسان، هي استيعاب وقبول الانتقاد. وهنا أيضا يجب أن نقود كمثال. فعلنا ذلك خلال العقود الستة الماضية، بصورة غير كاملة أحيانا، ولكن بنتائج ذات شأن، بدءا بتقديم تعويضات لاحتجازنا مواطنينا الأميركيين اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية، مرورا بإنشاء حق المراجعة القانونية لضحايا التمييز العنصري في الجنوب ضد السود، وصولا إلى إقرار تشريعات ضد جرائم الكراهية التي تشمل الاعتداءات ضد المثليين والمثليات. عندما نهمل الأعمال المنافية للعدل، ننكر العدالة في كل مكان. الاعتراف بالأخطاء ومعالجتها لا يجعلنا أكثر ضعفا بل يعيد تأكيد متانة مبادئنا ومؤسساتنا.

ثانيا، علينا أن نكون عمليين وسريعي الحركة في متابعة تنفيذ برنامج عملنا حول حقوق الإنسان، دون المساس بمبادئنا، بل بعمل ما يمكن، على الأرجح، أن يجعل هذه الحقوق حقيقية. وسوف نستعمل كافة الأدوات المتوفرة لدينا، وعندما نصل إلى طريق مسدود لن نتراجع بتخاذل أو بإلقاء التبعة على الغير، أو نواجه بصورة متكررة نفس الطريق المسدود، بل سوف نستجيب بتصميم استراتيجي لإيجاد طريق آخر لتحقيق التغيير وتحسين حياة الناس.

إننا ندرك بأن مقياسا واحدا لا يناسب الجميع وكل الحالات. فعندما لا تنجح الأساليب القديمة، لن تخيفنا محاولة تنفيذ أساليب جديدة كما فعلنا هذه السنة بإنهاء الطريق المسدود الذي واجهته حالة العزلة (على بورما) والسعي إلى التعاطي المحسوب مع بورما. وفي إيران، عرضنا التفاوض بصورة مباشرة مع الحكومة الإيرانية حول مسائل السلاح النووي، ولكننا في نفس الوقت عبرنا عن تضامننا مع الذين يكافحون داخل إيران من أجل إدخال تغيير ديمقراطي. وكما قال الرئيس أوباما في خطاب جائزة نوبل، «إننا نقف إلى جانبهم».

إقرأ أيضا لـ "هيلاري رودام كلينتون"

العدد 2722 - الأربعاء 17 فبراير 2010م الموافق 03 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:23 ص

      مجردهمس

      ياصباح يافتاح على الوسط تصبحنا بوجه هلري وهيلري أكل الدهر عليها وشرب اصبحت مثل منغوليا ماضيها مجيد ولكن للاسف لامستقبل لها الاولى بها وبامريكا بعد ماخسرت الحرب ان تتعلم من اخطائها وتعيد ترميم نفسها واعادة البناء الشامل لسياتها فنعوذ بالله من شر هذه العجوز ارى نارا تحمل نارا والحامل أشر من المحمول وخساره الكحل ياناس في عين العوره وسلام يابحرين

    • زائر 2 | 12:29 ص

      ضحك على الذقون

      من أهم مثل وقيم الديمقراطية عدم استخدام سلاح نشر الاكاذيب واخفاء الحقائق والضحك على ذقون الناس، يجب عليكم بادئ بدئ أن تقولوا للشعوب العربية والتي تتحالفون مع حكامها (أصدقاؤكم) إننا نقف إلى جانبكم،، والمنطق يقول إبدأ بتغيير نفسك وأهلك ثم الآخرين، لماذا لا تضغط الولايات المتحدة الامريكية على حلفائها الحكام العرب بتطبيق (جوهر)الديموقراطية وليس غلاف الديموقراطية واللب رجعي بينما تتباكى على الشعب الايراني الذي يمارس الدموقراطية والذي يتداول السلطةبكل سهولة،بينماحلفاؤكم ياكلينتون يئدونها يوما بعد يوم

    • زائر 1 | 12:01 ص

      الى متى

      وماذا تستطيع حكومة اوباما ان تفعل بعد ان تم تجنيس مئات الآلاف من المواطنين الجدد وهل هناك من آلية لتغير هذا الواقع المرعب ام انها ستقول عليكم ان تتقبلوا هذا الواقع وتتعايشوا معه وهل يمكن وبهذه البساطة ان تسلب حقوق الشعوب وان يتم التلاعب بمصائر الامم

اقرأ ايضاً