العدد 2352 - الخميس 12 فبراير 2009م الموافق 16 صفر 1430هـ

هاريت توبمان... لم تتزوج الحريّة!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

قدّمت لنا السيدة ايفانز من الولايات المتحدة الأميركية، في قاعة بيت الشعر - إبراهيم العريض، قصة المرأة الأميركية المنتمية الى أصول إفريقية هاريت توبمان، التي عانت من مرارة العبودية، وشقّت طريقها نحو الحرية، متوجهة إلى الشمال، لتحصل على صك «الحريّة» النفيس.

وقد واجهت هاريت مجموعة من الصعوبات حتى تحصل على حريتها، وكان أولها زوجها الذي كان خائفا عليها، ومن ثمّ صائدي العبيد الذين يقتلون بلا رحمة أو يبترون جزءا من الجسم، بحيث يُقتلع القلب قبل الجزء المبتور في أحيان كثيرة.

وما أن وصلت توبمان إلى حدود الشمال، توقّفت عن دخول المنطقة، وراحت تفكر وتتأمل، وتتراجع خطوة خطوة إلى الوراء، فلم تخطو تلك الخطوة التي كانت تتمنّها في كل لحظة من حياتها... لم تخطو إلى الحرية ولو مقدار انش واحد!

أتعلمون لماذا؟ لقد فكّرت هذه المرأة في أهلها وجماعتها، وفكّرت في نفسها، فهي لن تنال الحرية بداخلها إذا كان أهلها وعشيرتها مقيّدين في براثن العبودية.

فرجعت إلى أهلها، وقدّمت لهم الخطط وساعدت بعض الأسر، حتى يصلوا إلى الشمال دون أن يصطادهم «البيض»، وهرب على يدها الكثير من الأسر ذات الأصول الإفريقية.

فهاريت توبمان لم تتزوج الحرية، بل كانت حريتها في مساعدة أهلها وناسها، فهي لم تكن أنانية قط، ولم تهمل الجانب الإنساني المتمثّل في مساعدة الناس وحرصها على سعادتهم.

إن الحرية ليست بالفرد وإنما بالجماعة، وطعمها حلو المذاق عندما يتشارك أصحابها لتحقيقها، فهي لا تُبنى بالفردية والأنانية وإنما ببث روح الجماعة، والحرص على الآخر.

لقد برعت السيدة ايفانز في إيصال قصة هاريت توبمان والعبرة منها، وحكَت لنا استخدام العبيد في ذاك الزمان بعض الإشارات حتى لا يفهمها البيض، فتكون مفاتيح للهرب من مكان إلى آخر، واستخدمت أسلوب حكواتي بسيط يفهمه الجميع.

نتمنى من كل أسرة عربية تربية أبنائها على معاني الحرية وتعويدهم على استطعامها، ومعرفة الحقوق والواجبات بين الراعي والرعية، فهي الوسيلة الصحيحة لنجاح الأمم.

كما نتمنى إدخال مقررات مدروسة في المدارس، يتعلم من خلالها الأطفال حقوقهم وواجباتهم، لأن الحرية لا تتم لا بالتنوير والتعاون، وليس ببث الجهل وسياسة التخويف والقمع.

وخاصة إننا اليوم نواجه تحدّيات في حصولنا على حرياتنا على جميع الأصعدة، الأمر الذي أدى إلى خلق النزاعات وتطويق الحريات وزيادة لغة العنف أكثر، وخنق الآخر باسم القانون

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2352 - الخميس 12 فبراير 2009م الموافق 16 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً