كنت أتمنى أن الأميركان تعرفوا على التاريخ على التاريخ الأفغاني قبل أن يتورطوا في غزوه وقبل أن تسيل فيه دماء بريئة لا ذنب لها فيما حصل كله... ولكن الغطرسة الأميركية بصورة عامة وغطرسة بوش بصورة خاصة هي التي أوصلت الأميركان ومن معهم من الأتباع إلى هذا الوضع السيئ، كما أوصلت الأفغان إلى فقد الآلاف منهم بين قتيل وجريح ومشرد.
إن حركة التاريخ البشري كله تؤكد أن الاستعمار لا يمكن أن يدوم مهما طال، والواقع اليوم يؤكد ذلك، فليس هناك بلد مستعمر في العالم إلا فلسطين وحتما سيزول هذا الاستعمار كما ستزول «إسرائيل» معه، أما استعمار العراق وأفغانستان فها نحن نرى أن أميركا المستعمرة تحاول بكل قواها أن تخرج من ورطتها بشيئ من الكرامة... لكنها للأسف لا تعرف أين الطريق الصحيح!
أميركا تقود حملة شرسة مع أعوانها للقضاء على طالبان، وبدأت من هلمند معقل طالبان، وفي ظنهم أن هذه الحملة ستكون بداية النهاية لحركة طالبان وأنهم بعدها سيقولون: ها نحن حققنا انتصارا واضحا وآن لنا أن نخرج... لكن هذا لن يتحقق على الإطلاق!
دعوني أنظر إلى صورة طالبان بعد تسع سنوات تقريبا من احتلال أفغانستان كيف هي الآن... رفضت طالبان كل العروض التي عرضت عليهم للصلح مع حكومة كرازاي... رفضوا كل الأموال المغرية التي عرضت عليهم... رفضوا عروض العفو وإغراءات المشاركة في الحكومة وآثروا استمرار المقاومة حتى يخرج المحتل من بلادهم.
حركة طالبان تتمدد في أفغانستان، تصل إلى العاصمة وتضرب أهدافا في غاية الأهمية أكثر من مرة... تصل إلى قواعد الأميركان وتضربها أكثر من مرة أيضا... تجند أشخاصا وتستطيع قتل أهم مجموعة من CIA دفعة واحدة... ولازالت تفعل الكثير، الآن... آلاف الجنود الأميركان ومن معهم يحملون أعتى الأسلحة وأقواها، تساندهم الطائرات من كل نوع... وأمامهم نحو ألفي جندي من طالبان بثياب رثة وسلاح بسيط... لكن الفرق أن هؤلاء يقاتلون عن عقيدة، ويدافعون عن وطنهم، أما الآخرون فلا عقيدة تدفعهم للموت، ولا وطن يقاتلون من أجل حريته... هذه المعادلة تجعلني أؤكد أن الأميركان سيفشلون كما فشلوا سابقا، وأن طالبان سينتصرون عليهم كما فعلوا سابقا.
مقاتلو طالبان يتحركون في أرضهم، ويسهل عليهم أن ينتقلوا للأراضي الباكستانية، والأفغانيون - غالبا - يقفون معهم بسبب الهمجية الأميركية في قتل مئات الأفغان الأبرياء وفي كل مكان وعدم ثقة الأفغان بكل الوعود التي تطلقها الحكومة أو القوات الأميركية.
قد ينتصر الأميركان مؤقتا، لكن مقاتلو طالبان سيعودون مرة أخرى، لأنهم يتبعون سياسة الكر والفر نظرا لإمكاناتهم القليلة، لكن النصر في نهاية المطاف سيكون لهم.
سيموت الكثيرون في هذه الحرب معظمهم من المواطنين الأبرياء، وبطبيعة الحال فإن حكومة كرازاي لا تستطيع أن تفعل شيئا لأنها عميلة لا تملك أن ترفع صوتا، والأميركان ومن معهم لا يهمهم من يموت من الأفغان، لكن كل ذلك سيكون - مع كل المآسي - من صالح حركة طالبان لأنها ستدفع الآلاف للانضمام إليها.
من طبيعة الاستعمار أن يبدأ قويا ثم يضعف شيئا فشيئا... ومن طبيعة أنصار الاستعمار أن يكتشفوا كم هم مجرمون حينما وضعوا أيديهم في أيدي من احتل بلادهم وقتل أهلهم فيتراجعون شيئا فشيئا... عندها لن يجد المستعمر من يحميه من أهل البلاد فلا يجد بدا من الفرار وهذا ما ستفعله أميركا قريبا في أفغانستان.
الشيء الذي يحيرني مواقف منظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي مما يجري في أفغانستان وكأن هذا البلد لا علاقة له بالإسلام ولا بمنظماته الدولية!
لا أشك مطلقا أن الأميركان وحلفاءهم لن يجدوا لهم موطئ قدم في أفغانستان، وإذا أرادوا محاربة القاعدة فعليهم معرفة الوسائل الصحيحة لمثل هذه الحرب... قتلاهم سيتزايدون ومثلهم قتلى الأفغان الأبرياء، لكن... هذه هي ديمقراطيتهم التي يقدمونها للشعوب الإسلامية والعربية... ديمقراطية الموت والدمار!
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 2720 - الثلثاء 16 فبراير 2010م الموافق 02 ربيع الاول 1431هـ
الله ولينا والذين كفروا لا مولى لهم
اللهم انصر دينك وانصر المجاهدين في كل بقاع الارض
سيرالنكا
ان شاء الله وبأدن منه يمد قوات التحالف بالنصر المبين ضد قوات الظلم والظلام من جهلة نظام طالبان المتخلف وازلامهم من السلف والوهابيه المتخلفه بحق محمد النبي المصطفى