العدد 2720 - الثلثاء 16 فبراير 2010م الموافق 02 ربيع الاول 1431هـ

تحدي نماذج «الغرب ضد الإسلام» الإعلامية

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

بحث العديد من المشاركين، بمن فيهم أنا، في مؤتمر دولي حول «الإسلام والإعلام» نظمه مركز الإعلام والدين والثقافة بجامعة كولورادو في بولدر في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، بحثوا في الوصمة السلبية التي يلصقها الإعلام بالإسلام والمسلمين، خاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول والمحاولات الإرهابية المختلفة التي تمت باسم الإسلام من قبل متطرفين ومتشددين يعملون على تخوم المجتمع المسلم الأوسع في التيار الرئيس.

لفت المؤلف والمُنَظِّر الأدبي الراحل إدوارد سعيد في كتابه واسع التأثير «تغطية الإسلام» الذي صدر عام 1981، لفت انتباه الجمهور إلى الكيفية التي قام الخبراء والإعلام من خلالها بتحديد الأسلوب الذي نرى فيه الإسلام. تجد في جوهر تحليل إدوارد سعيد مفهوم أن التغطية الإعلامية للإسلام ربطت عن كثب بين المسلمين من جهة والتشدد المسلّح والخطر والمشاعر المعادية للغرب من جهة أخرى.

وفي العام 1997 كررت مؤسسة رانيميد Runnymede Trust، وهي مؤسسة فكرية من المملكة المتحدة تشجّع التعددية العرقية في بريطانيا، نفس الفكرة في «الرهاب الإسلامي: تحدٍ يواجهنا جميعا».

وقد استُخدم توجّه مماثل في قراءة أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001. اعتقد عدد كبير من الجهابذة والصحافيين والسياسيين من خلال تحليل هذه الأحداث أن ما شهدناه في هجمات الحادي عشر من سبتمبر هو «صدام الحضارات»، أي معركة بين الحضارتين الغربية والإسلامية، كما جرى توقعه مسبقا من جانب العالِم السياسي صموئيل هنتنغتون.

خلال العقود الثلاثة الماضية اعتمدت دراسات علمية حول الإسلام والمسلمين في الإعلام بشدة على أطر مثل تحليلات إدوارد سعيد ونظرية «صدام الحضارات» لهنتنغتون والرهاب الإسلامي أو العنصرية الثقافية لتحليل التساؤلات المتعلقة بتمثيل الإسلام والمسلمين في الإعلام. ما زال لهذه الأطر تأثير كبير على الدراسات الحالية. والواقع أن عددا كبيرا من الدراسات المقدمة أثناء المؤتمر الأخير حول «الإسلام والإعلام» اعتمدت على هذه الأطر.

بالطبع يؤدي استخدام هذه الأطر، بما لا يدع مجالا للإنكار، إلى تشكيل نتيجة مثل هذه الاستنتاجات والتحليلات. إلا أن المشكلة هي أنه هناك أسلوب ثنائي أو مزدوج من التفكير، يضع الغرب في ناحية والإسلام في الناحية الأخرى.

لماذا يستحوذ هذا التوجه الثنائي على الإعلام؟ برأيي أن الأسلوب الثنائي في التفكير يثير قضيتين اثنتين.

الأولى أنه لا يوفر مساحة لفهم الناحية الإنتاجية لالتقاء أناس من خلفيات ثقافية ودينية مختلفة. في مجتمع يتسم بالتعقيدات المتزايدة لا يمكن ببساطة رسم المجتمع بالأسود والأبيض. فالمجتمع في نهاية المطاف ليس جامدا لا يتحرك، إذ طالما كان ديناميكيا دائم الحركة.

ثانيا، تم تطوير التوجه الثنائي الذي يضم فكرة «الغرب ضد الإسلام» أو المتحضّر ضد المتخلّف، على افتراض أن طرح الإعلام يملك القوة للسيطرة على التمثيلات الاجتماعية غير العادلة للثقافات أو الديانات الأخرى. ويفترض هذا أن الناس واقعون أساسا في شرك، أو حتى سجناء في مضمون ثابت من الصدام. نتيجة لذلك يُعتبر التوجه الثنائي غير مناسب للتحديات المعقدة التي توجه المجتمع متعدد الثقافات.

إلا أن الأخبار ليست سيئة لهذه الدرجة. مع تقدمنا نحو عقد جديد، يقدّم استكشاف للتمثيل الثقافي والديني يرتكز على الحوار، المزيد من الأمل لمواجهات الناس من ثقافات وديانات مختلفة عما يصفه الإعلام حاليا.

من المؤكد أن الناس من ثقافات أو ديانات مختلفة هم غرباء بشكل طبيعي عن بعضهم بعضا. لذا يجب اتخاذ خطوات جريئة، حتى تحصل احتمالات الاعتراف بالآخر واحترامه، بحيث يتقدم أحد الأطراف من خلالها نحو الآخر، ويسمح لما هو غير شائع وغريب أن يتم استيعابه.

بهذا الأسلوب، وكما ناقش زالي غوريفيتش، أستاذ علوم السكان بالجامعة العبرية بالقدس، يتم إدراك كم هو المرء فريد، وتُقبَل الخلافات دون عداء.

وإذا تركت دراسات التمثيلات الإعلامية للثقافات والديانات المزيد من المساحة للتحليل بناء على التوجهات المتمحورة حول الحوار في مجتمع اليوم متعدد الثقافات، فسوف نتحرك قدما بالمزيد من الثقة والأمل.

* حائز الدكتوراه وهو باحث يركّز على تمثيل الإسلام والمسلمين في الإعلام البريطاني المسيحي، في دائرة علم الاجتماع بجامعة بريستول في المملكة المتحدة، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2720 - الثلثاء 16 فبراير 2010م الموافق 02 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً