إحدى الأمثال الشهيرة للهنود الحمر ضد الأوروبيين يصرح «فقط، عندما تموت الشجرة الأخيرة، وعندما يتعرض النهر الأخير للتسمم، وعندما يتم اصطياد السمكة الأخيرة، سندرك بأننا لا نستطيع أكل المال». هذه الحكمة من القارة الأميركية ساهمت في معركة الأفكار ضد استغلال الطبيعة و تلويثه في العالم المادي الغربي. فالتحديات البيئية التي تواجه الإنسان على المستوى المحلي أو العالمي استدعت العمل نحو خلق قطاع جديد في الاقتصاد معني بالاستثمار في تكنولوجيا صديقة للبيئة وخلقت بالتالي فرص عمل للمختصين في هذا الجانب في حقول جديدة من المعرفة الإنسانية.
على الرغم من الأزمة المالية العالمية، فهناك اهتمام متزايد من السياسيين في الدول المتقدمة في محاولة الاستثمار في الاقتصاد و خلق نوع معاصر من الوظائف تعرف بالوظائف الخضراء أو وظائف الياقات الخضراء «green-collar jobs» في مجالات عديدة مثل الأنشطة البيئية والطاقات المتجددة وحفظ الطاقة. يعرف برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) أصحاب هذه المهن بـ «العاملين في الأنشطة الزراعية، الصناعية، البحثية و التطويرية، و الخدمية التي تساهم في حفظ البيئة واستعادة نوعية البيئة. على وجه التحديد، ولكن ليس على سبيل الحصر، الوظائف التي تساعد على حماية النظم البيئية، والتنوع البيولوجي، وتخفض استهلاك الطاقة، والمواد، واستهلاك الماء من خلال وضع استراتيجيات عالية الكفاءة لخلق مجتمع واقتصاد منخفض الكربون وأخيرا خفض أو تجنب توليد جميع أوجه أنواع الملوثات والنفايات».
الإحصاءات العالمية وثقت عدد وظائف الياقات الخضر فالمشتغلون في قطاع طاقة الرياح يقدرون بـ 300 ألف، أما العاملون في قطاع الطاقة الشمسية فيقدرون بـ 1.3 مليون، أما قطاع الكتلة الحيوية فيقدرون بـ 1.1 مليون يتركز نصفهم في البرازيل. من المتوقع أن تخلق الاستثمارات الجديدة في القطاعات الخضراء وبمليارات الدولارات من بيوت المال والحكومات ملايين أخرى من الوظائف وهناك ديناميكية جديدة من الجامعات والمعاهد للتكيف لتدريب وتأهيل هذه النوعية المرغوبة من الطلبة.
في مملكة البحرين و بسبب الاهتمام بالطاقات البديلة فستقوم شركة نفط البحرين قريبا بافتتاح منتزه عوالي والذي سيحتوي وحدة تعليمية للطاقة المتجددة وقد تمت صناعتها من قبل شركة ألمانية مرموقة وستستخدم طاقة الرياح وخلايا الوقود والطاقة الشمسية لإنتاج 5 كيلواط من الكهرباء. الهدف من هذا المشروع هو استخدام هذا المرفق العصري في حملات التوعية - خاصة من قبل طلاب المدارس والجامعات - للحفاظ على الطاقة وتقديم صورة عملية لاستخدام عدة أنواع من الطاقات المتجددة.
هل سنحتاج إلى أصحاب الياقات الخضراء في هذا المجتمع أم أن هذه الفكرة ترف خاصة أن مخزون النفط قد يمتد إلى مئة عام؟ رؤية البحرين 2030 أعطى مفاهيم الاستدامة والمحافظة على البيئة أولوية لخلق مستقبل أفضل لأهالي هذه الجزر و بالتالي فإن الحفاظ على المصادر الغير متجددة عن طريق الاستعمال الأمثل يتطلب استخدام و تطوير تكنولوجيات ملائمة للبيئة الحارة وأصحاب الياقات الخضراء مهمين للاقتصاد الوطني مثل زملائهم من أصحاب الياقات البيضاء أو الزرقاء.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2717 - الجمعة 12 فبراير 2010م الموافق 28 صفر 1431هـ