تسعى مملكة البحرين إلى تحقيق أفضل حالة من التمازج بين السلطة التشريعية والتنفيذية من خلال الإسهام المجتمعي، ويتجلى ذلك بالأخذ بالكثير من الأمور التي سعى ويسعى من أجلها المواطن في إظهارها وتعزيزها مع الأخذ بزمام المبادرة المجتمعية لتطبع بطابع مميز عن غيرها وفق مستجدات وضرورات تتغير وتتحول وفقا للمعيار الافتراضي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والرقابي.

كما إن التواصل النيابي والبلدي لدى المجتمعات يسهل مهام السلطة التنفيذية، ولكن ماذا لو كان هناك تنافر بين جهتين منتخبتين من قبل المواطن، حيث من المفترض أن يكون النواب البرلمانيين أحد متتبعي ومشاركي ما يتم إنجازه على الأرض بدوائرهم أو للمحافظة التي ينتمو إليها وأن يكونوا في مقدمة المهنئين.

إن غياب النواب جميعا عن حضور افتتاح حديقة الرفاع بالمحافظة الجنوبية ليس صدفة، وإنما يشير هذا الغياب إلى عدم تناغم هذا المجلس مع نواب المحافظة، كما أن تعففهم عن الخوض في أسباب فشل المجلس بإعداد مشاريع استثمارية أو إنشائية أو مشروعات إنشاء وتطوير الشواطئ والمتنزهات والحدائق، أو المشروعات التي تعنى بتجميع الحظائر المنتشرة في المنازل يثير علامة التساؤل.

إن المجلس البلدي وللمرة الثانية يفشل في إنجاح فعاليته، حيث لم يكتفِ في المرة الأولى عند افتتاح الممشى وإحراج الأهالي أمام إحدى الشخصيات التي تفاخر بها أهالي الدائرة الأولى، ولكن أصروا بأن يتبع هذا الفشل فشل آخر يحرج أهالي المنطقة ومقيميها، على الرغم من تسلمهم قوائم كبار سن المنطقة والوجهاء والمراكز الشبابية والمجالس، إلا أنهم أبوا أن يرسلوا الدعوات لهذه القوائم لضمان مشاركتهم في إنجاح هذه المناسبات المجتمعية، والأكثر من ذلك عدم دعوة دار بر الوالدين برغم وجودها بالقائمة التي تم إرسالها إلى المجلس، حيث استعصى الأمر على المجلس البلدي بدعوتهم وتوفير وسيلة نقل لهؤلاء العجزة بأن يشاركوا بفعالية اجتماعية كهذه، لرسم ابتسامة على شفاههم وإخراجهم من جو العزلة التي هم بها لسبب ما آل الدهر عليهم، لا حول ولا قوة إلا بالله.

بل وكان الحضور القليل للمجلس في هذا الافتتاح للاستماع للكلمات لم يتعدوا 40 شخصا، اللهم إلا بعض الأطفال بصحبة آبائهم ليلهو بالألعاب المتوفرة، علما بأن البرنامج لم يتعدَّ النصف ساعة متمثل في كلمة الوزير وعضو الدائرة الأولى ممثل المجلس الذي أبى أن يقف أمام ناخبيه لتحيتهم ويشرح مراحل قيام هذا المشروع، وكلمة الأهالي التي ألغيت على الرغم من تطرقها الى الإشادة بالمشروع الإصلاحي لجلالة الملك وصاحب السمو المحافظ وتهنئتهما بنجاح معرض البحرين للطيران وما تم إنجازه بالمحافظة ومن ثم توجيه الشكر إلى الجهاز التنفيذي والمجلس البلدي و»بلدية المنطقة الوسط»، إلا أنها ألغيت وهنا نذكر السبب للأمانة.

السبب تطرقها بالشكر لبلدية المنطقة الجنوبية على الرغم من أن محافظة المحرق والشمالية تطرقت كلماتهم بالشكر لبلدية مناطقهم، هذا التساؤل إجابته لدى المجلس والسادة الأعضاء باستثناء من تغيب منهم.

هذه الأحداث تقودنا إلى ما بدأنا به، ما هو سبب غياب النواب عن المشاركة في مثل هذه الفعاليات؟ وإلى متى سيتم تجاهل أهالي المنطقة من المشاركة؟ ومتى ستنتهي مركزية القرار لدى المجلس البلدي التي قادت المجلس إلى مخالفات إدارية ومالية فاضحة قد سبق ذكرها والمتمثلة في عمل كوبونات شراء من عدد من البرادات والمراكز التجارية لا تقل عن عشرة آلاف دينار ويتم توزيعها على شريحة من المحظوظين. كما سيتم تكريم المتقاعدين من الرفاع وحولها في الأيام القليلة القادمة وسيكون متزامنا مع انتهاء فترة الوصاية على المجلس البلدية في هذه الفترة وقرب الانتخابات القادمة والهدايا ستكون (باحتمال كبير) متمثلة في كوبونات شراء، أليس هذا هدر للمال العام، أليس هذا ظلم في الوقت الذي يعجز المجلس عن توفير أجرة سيارة لإحضار كبار السن من دار بر الوالدين بمركز الرفاع الشرقي الاجتماعي لحضور افتتاح الحديقة. بالإضافة إلى الهدايا الثمينة (ماركات عالمية) التي مازال البعض منها في خزينة المجلس ودهن العود والعود عالي الجودة، وتذاكر السفر التي يتم تحويلها من درجة رجال الأعمال إلى سياحية، وترسية بعض العطاءات على مؤسسة لموظف يعمل بالمجلس بسجل تجاري يحمل اسمه وآخر باسم زوجته، والتوظيف العائلي بالمجلس، ورسائل التوصيات من قبل المجلس لبناء حوط بمخصصات البيوت الآيلة للسقوط، وبعد التدقيق عليها تم رفضها من قبل الجهاز التنفيذي.

أن كل ما تقدم يقع على كتف النائب البرلماني الذي من مهامه التشريع والرقابة، وهنا نقول للسادة النواب الذين تواصلوا مع الكاتب بعد نشر هذه المخالفات يوم 6 يناير/ كانون الثاني الماضي بأن الاستنكار والشجب عبر الهاتف لا يكفي، فلا مجال للمجاملات والحسابات السياسية فهذه أموال الدولة وأنتم مؤتمنون على الرقابة.

إذن ما الفرق بينكم وبين الكتل التي تبرر للنائب الذي يسيء لوطنه في الداخل والخارج، في الوقت الذي ترفعون فيه شعار انصر أخاك، وليكن الحديث عن محاربة الفساد انطلاقا من دوائرنا قبل الحديث عن الفساد في العموم في الوقت الذي يراه النائب عن قرب.

ونقول أيضا بأن بعد ما تم نشر كل هذه المخالفات لم يتجرّأ رئيس المجلس بتشكيل لجنة تحقيق، بل ولم يجرؤ السادة الأعضاء الدفاع عن أنفسهم وهذه لها دلالة.

هنا نقول بأن المتتبع يملك وسائل من خلال الرأي العام وللمجتمع أحقية إمعان النظر في مدى توافر الأولويات التي تهيئ مجالا رحبا لإقامة كيانات أكثر قدرة على المتابعة والرصد وفق إطار قانوني ثابت، من حوله الكثير من المتغيرات التي تدور حوله وتعود إليه وتستقر عنده، لذلك على الجميع السعي لتحقيق مصلحة المجتمع وفق القانون وعلى أساس سيادته فيها.