دينيس شميدلي - كبير مديري المنتج، محفظة غلوبال ميغاتريند سيليكشن
09 فبراير 2010
كما الحياة، ينطوي عالم الاستثمار على قليل من الحقائق الثابتة؛ وقد أظهرت أحداث الأعوام القليلة الماضية، بما لا يدع مجالا للشك، مدى صعوبة التكهن بمستقبل الأسواق المالية، أقلّه على المدى المنظور. وعلى النقيض من ذلك، فإن تحديد التوجهات السكانية والبيئية والاجتماعية المستمرة والمستدامة يبدو أكثر سهولة إلى حد ما. وفي الحقيقة، لايزال بعض هذه «التوجهات الرئيسية» مستمرا منذ مئات السنين وربما أكثر. ونظرا إلى أنها تشكل ظاهرة مستمرة بدرجة عالية من اليقين، لذا فهي تتيح للمستثمر الفطن الكثير من الفرص على مر الزمان.
وفي هذا السياق، تعد الزيادة المستمرة في عدد سكان العالم أحد الأمثلة المهمة على هذه التوجهات؛ إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن العدد الحالي سيرتفع بنسبة 40 في المئة بحلول العام 2050. وما من شك أن زيادة كهذه ستكون كفيلة بفرض تغييرات هائلة في العديد من المجالات، ولنأخذ على سبيل المثال قطاعي الزراعة أو الموارد المائية؛ فهما بالكاد يكفيان لسد حاجة سكان العالم اليوم، فكيف غدا؟؟
وتشهد مساحات الأراضي الصالحة للزراعة انحسارا مثيرا للقلق في ظل ارتفاع الزحف العمراني بوتيرة متسارعة، ولاسيما في الدول الناشئة. ويستلزم الأمر مضاعفة المحاصيل الزراعية الحالية خلال الأربعين عاما المقبلة للحفاظ فقط على حصة الفرد اليومية من السعرات الحرارية على مستوياتها الحالية. وقد استطاع أسلافنا، في الواقع، تجنب نقص الغذاء الذي كان متوقعا إبان الثورة الصناعية بفضل الاكتشافات التي حققوها في مجالات الأسمدة والبذور. وعلى ما يبدو، فإننا الآن على أبواب ثورة زراعية جديدة مع سعي العديد من الشركات، وبعضها مدرج في الأسواق المالية، إلى ترسيخ مكانتها كجهات خبيرة في تنمية محاصيل الإنتاج الزراعي. وبما أن إنتاج الحبوب واللحوم وغيرها من المواد الغذائية هو نشاط اقتصادي يحتاج إلى كميات كبيرة جدا من المياه، لذا فإن توفير المياه العذبة للمزارعين والشركات والأفراد يشكل واحدا من أصعب التحديات التي تواجهنا خلال الأعوام المقبلة. وما لم نستطع زيادة الموارد المائية إلى الحد المطلوب، فسيتعيَّن على الكثير من سكان العالم مواجهة بعض المشكلات الجدية التي ستتفاقم حدتها مع ارتفاع معدل الطلب على المياه العذبة بسرعة تفوق سرعة النمو السكاني مرتين. وفي حال استمر الوضع على ما هو عليه اليوم، فسيعاني أكثر من ثلث سكان العالم نقصا مزمنا في المياه بحلول العام 2025. ومن هنا تنبع أهمية أسهم بعض الشركات العاملة في مجال توفير الحلول والخدمات والبنية التحتية اللازمة للموارد المائية، في الدول المتقدمة والناشئة على حد سواء.
العدد 2714 - الثلثاء 09 فبراير 2010م الموافق 25 صفر 1431هـ