في مقالي السابق ربما تسرعت وأشرت إلى أن ثقافة العيب التي لا تفارق ذهنيتنا، جعلتنا نتحفظ كثيرا على تعليم أولادنا وبناتنا بعض ما يحتاجون إليه، فانزلق بعضهم للخطأ بسبب الفراغ الذي تركناه عندهم.
وهنا أعود لأقول إن أولادنا لا يعيشون فراغا في ثقافتهم الجنسية وتصوراتهم عن الكثير من الأمور والمواضيع، فحين حرمناهم الإجابة ونأينا بأنفسنا عن محادثتهم خجلا وحياء، تصورنا أنهم في فراغ صعب وانتظار مقلق لإجاباتنا، لكن الواقع يقول إنهم يتلقون الكثير من عروض المساعدة وتقديم الخدمات، الأمر الذي يجعل تصورنا للفراغ عن أولادنا هو تمنيات نعيشها كآباء ومربين.
أصدقاء المدرسة وأصدقاء الحي، وزملاء اللعب قد لا يتركون الفراغ الذي توهمناه، هناك من الأولاد المهملين الذين لم يتلقوا قدرا كافيا من التوجيه الديني والأخلاقي، ولم تتوافر لهم الظروف التربوية والعائلية السليمة يلتقون بأولادنا في نقاط عديدة، وهؤلاء لا يتحرجون عن التلفظ بالكلمات المخجلة، ولا يتورعون عن ممارسة التصرفات الجنسية القبيحة، أمام زملائهم وأصدقائهم، وهؤلاء لهم أثر كبير على كل من احتك بهم وصاحبهم إذا وصلوا إليه بانحرافهم قبل أن يصله أبواه بثقافتهما ووعيهما.
بما تحمله من أفلام ومسلسلات إباحية، أو مشاهد دافئة أو كلمات ذات دلالات مثيرة، ويكاد المرء يجزم أن الأفلام والمسلسلات الخالية من هذه المشاهد والكلمات لا تحقق أرباحا لمنتجيها ولذلك يزهدون فيها، ويوفرون ما يطلبه المشاهد ويتمناه.
حتى العام الماضي كان عدد المواقع الإباحية على النت أربعة ملايين ومئتي ألف موقع (4002000)، هذا الرقم متداول وكأنه من المسلمات، وعلى فرض المبالغة فإن ربع هذا العدد من المواقع أي (مليون) (1000000) فهو كارثة بمعنى الكلمة.
يقول إبراهيم بن حسن الخضير «إنني أعتقد بأنه لو ناقش رجال العلم مع رجال التعليم والتربية تدريس بعض المعلومات الجنسية التي تهم كل جنس (بنين وبنات) بطريقة علمية جدية فربما يكون في ذلك خيرا من تركهم يتيهون في الظلام بحثا عن شمعة لتُضيء لهم الطريق في موضوع مهم تتوقف عليه حياتهم..! جريدة الرياض» 2/2/ 2007.
لكني أتصور أن لا أحد أحق بتربية الأولاد من آبائهم وأمهاتهم، وأعتقد أن البداية هي من المنزل ومن الوالدين تحديدا، إلا إذا كانا غير قادرين.
التوعية الجنسية، وبيان مواطن الخلل فيها كانت مهمة أساسية من مهام نبي الله لوط (ع)، مما يعني أن الحديث فيها وعنها مهم وضروري وخصوصا في مثل الظروف التي نعيشها والتي أشرنا إلى بعض المؤثرات فيها، يقول الله سبحانه وتعالى: «وَلُوطا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَة مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ»(الأعراف:80 و81).
إقرأ أيضا لـ "الشيخ محمد الصفار"العدد 2713 - الإثنين 08 فبراير 2010م الموافق 24 صفر 1431هـ
صحيح ولكن!
كل كلامك صحيح يا شيخنا العزيز، ولكن قل لنا عن طريقة واسلوب تعليم أولادنا وتثقيفهم جنسياً وكيف لنا أن نشرح لهم ذلك انها مهمة صعبة للغاية، وهل انك تجلس مع أولادك تحدثهم عن ذلك؟
الى متى
الفراغ وعدم الفراغ عناوين ممكن مناقشتها في زمن الرخاء وليس في زمن الفوضى فنحن نعيش ازمة مصير بسبب التجنيس وتغير الهوية تسقط امامه جميع الملفات