شارع الإمام الحسين (ع) في المنامة تحوّل إلى شارع للسياحة الدينية - التي بدأت فعلا- من دون مساندة وزارة الإعلام. وفوق هذا فإن «المرسم الحسيني» تحوّل إلى مزار يومي للفنانين وللمشاركين في المناسبة الحسينية، ومأتم بن زبر لديه عرض مستمر لصور نوعية عن الخطباء الكبار وعن عاشوراء بالاضافة إلى فيلم عن المواكب الحسينية في المنامة في مطلع الثلاثينات من القرن الماضي، وخيمة أخرى تابعة لجمعية التوعية الإسلامية تقدم برامج باللغة الإنجليزية، وموقع آخر للجنة الوطنية لضحايا التعذيب والشهداء تعرض فيلما عن شهداء البحرين في الفترات الماضية.
التطور في كل جانب: دورات سياحية ينظمها المرسم الحسيني للأجانب يقودها أحد المتمكنين في اللغة الإنجليزية، إذ يقوم بشرح معاني المواكب الحسينية ويمرّ على الطرقات والمآتم ويرد على الاستفسارات. امرأة اسكتلندية قالت إن بعض أصحابها نصحوها بعدم الاقتراب من المنامة في هذا الوقت، ولكنها تشعر بالفرح أنها خالفتهم وذهبت إلى المرسم وحصلت على جولة سياحية دينية.
إحدى البحرينيات كتبت عن الحسين (ع) باللغة الإنجليزية بأسلوب راقٍ، وتم توزيع الكتيب على الأجانب الذين بدأوا يفهمون المناسبة أكثر ويسألون أكثر.
المرسم الحسيني يعتبر قمة في الإبداع، لأنك تلتقي بفنانين حقيقيين، بعضهم درس في البلاد العربية وآخر تخرج من باريس في الفنون الجميلة، وتشاهد هذا وذاك يرسم أفضل اللوحات مستخدما أنماط المدارس الفنية الحديثة والقديمة.
المرسم الحسيني قائم على أرض تابعة لمأتم العريض وتقع بقرب المأتم على جهة شارع الشيخ عيسى، ويحتوي المرسم على واجهة مؤقتة ومغطاة بسقف مؤقت، ولكن داخل هذا المكان يوجد أفضل الفنانين البحرينيين، وتوجد أيضا أفضل تقنيات المعلومات. ففي زاوية من زواياه اجتمع عدد من المهندسين والفنيين الذين ارتبطوا الكترونيا بعدد كبير من المواقع الأخرى الناشطة في إحياء العاشوراء في البحرين والكويت والسعودية، ويمكن لأي شخص أن يدخل الموقع الالكتروني ويؤشر على نوعية النشاط الذي يودّ متابعته ليشاهد ماذا يحدث في هذا المكان أو ذاك. يتبع ذلك أيضا عرض رقمي لمحاضرات عن عاشوراء ولصور عن أصوات وأناشيد، ويمكن لمن يودّ حضور المرسم أن يتابع أمورا كثيرة ويعرف ما يجري في مناطق عدة داخل وخارج البحرين من دون أن يتحرك من مكانه. انه «متحف حسيني» نأمل ان يتحول الى «متحف دائم» بدعم من اهل الخير الذين باستطاعتهم شراء الارض الحالية او التبرع بها او شراء ارض اخرى واقامة المتحف لتطوير وتعزيز السياحة الدينية والملتزمة بذوق رفيع يتناسب مع العصر.
«كنيسة القلب المقدّس» دخلت في مراسم العاشوراء للمرة الأولى أيضا. فردا على ما قام به المرسم من احتفال بذكرى مولد المسيح (ع) في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قام قس في الكنيسة بإرشاد مرتاديها بإعداد لوحة فنية عن الإمام الحسين (ع) لإهدائها إلى المرسم. داخل المرسم تجد صورة جميلة للسيد حسن نصرالله، ويقول من يرسمها إنه سيهديها إلى السفير اللبناني في المنامة.
هذه السياحة الدينية بدأت فعلا، بجهود أهلية ومن دون أن تساعدهم وزارة الإعلام أو غير وزارة الإعلام، وهي جهود خيِّرة بالإمكان تطويرها أكثر لكي تزدان العاصمة بذكر الحسين... والأمل يحدو الجميع أن تتوجه الجهود إلى مثل هذه الأنشطة النوعية وتبتعد عن كل ممارسة تشوش المناسبة أو تبعد عنها الرمزية الحسينية - البحرينية، أو القيام بأعمال تؤثر سلبا على المناسبة وهويتها... وأهل البحرين قادرون على ذلك عندما يعقدون عزيمتهم على الأمر
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 541 - السبت 28 فبراير 2004م الموافق 07 محرم 1425هـ