العدد 539 - الخميس 26 فبراير 2004م الموافق 05 محرم 1425هـ

الدور النسائي

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

ان العقدة التي يعاني منها نفر من الرجال في مجتمعاتنا الشرقية من فكرة مساواة المرأة بالرجل هي مسألة في حد ذاتها تؤرق تفكير تلك الفئة لدرجة الهوس والمرض أحيانا.

ان هذه العقلية لاتزال موجودة على ارض الواقع خصوصا في ظل تنامي حس التطرف والتجنيد لأعراف جاهلية وبالية تتستر بغطاء الدين وبحجة العادات والتقاليد التي وضعها وصنعها فكر استعلائي مستمد من النظام الأبوي القبلي أو الريفي.

لهذا فإن موضوع المرأة البحرينية او العربية او المسلمة وتقلدها المناصب القيادية الى حصولها أعلى الدرجات العلمية والاكاديمية تساويها يوما بعد يوم مع الرجل... هي في الواقع حقيقة ملموسة سواء اراد الرجل الشرقي تقبلها أم رفضها.

فموضوع المرأة بإشكالاته الكثيرة يفرض اليوم جديته وحيويته بل ويحتل موقعا جديدا في الدراسات الانسانية فبدأ يطرح نفسه بقوة في مجتمعات الغرب كما هو الحال في مجتمعات الشرق التي بدأت تقاوم اصابع التطرف التي تدعو إلى قوقعة المرأة واعدام حقها الانساني من مختلف النواحي كون ان المجتمعات العربية والبحرين جزء منها تعيش اليوم أزمة ركود واحباط اذ تترجم هذه الأزمة في الحياة اليومية التي نعيشها من دون وعي جدي بها ونقد جذري لمواجهة الازمة الراهنة التي بدأت تسيطر على عقولنا من دون ان نعي ابعادها المستقبلية. والمضحك المبكي ان نجد ان تلك الفئة الذكورية تسعى بشتى الوسائل لنشر فكرها الظلامي ضد ما تعتقد بأنه «تأنيث الإدارة والسياسة والاقتصاد» وهو ما لا تتحمله تلك العقليات المريضة.

ففي كتاب «المستقبل للانوثة» لعالمة النفس الالمانية مار غريت متجرلش ذكرت في بعض ابواب الكتاب الذي صدر في نهاية الثمانينات وترجم الى مختلف لغات العالم ان «النساء هن معذبات هذه الأرض على مدى عصور طويلة. غير ان هذا العذاب الذي حملته النساء أمدهنّ بقوة على الصبر والصمود ما جعلهن بغير حاجة إلى الاهتمام والمساعدة. واذا كانت الحروب للرجال فالسلام للنساء بغريزة الامومة... ان هذه الخصائص ستقود النساء إلى مستقبل يختلف تماما عن الحاضر... فالمستقبل للاناث وليس للذكور... فيكفي ما قام به الرجل من حروب وعنف ودمار منذ بداية المجتمع الأبوي حتى اليوم».

وفي كتاب «مسيرة النساء عبر التاريخ» الذي صدر في ثمانينات القرن الماضي أكد المفكر الاسلامي الفرنسي روجيه غارودي اكد ان النساء قادمات والويل لمن يقف في طريقهن متسائلا: هل آن الأوان لتوجيه النقد الى ستة آلاف سنة من النظام الأبوي والهيمنة التي مارسها الرجال على المجتمع بأسره؟!

واذا لم يكن تاريخ الرجل غير تاريخ عنف وسيطرة واسترقاق فهل تكون النتيجة أن حركات النساء هي مجرد حركات مطلبية أم انها تحمل في طياتها تباشير مشروع حضاري كامل لاعادة بناء العالم من جديد وكذلك هويته الانسانية فيه.

ان طرح هذين النموذجين مثال على ان مفهوم التحرر المسئول والملتزم للمرأة هو تحرر للانسان بصورة عامة، فما عجز عن تحقيقه الرجل قد تظهر نتائجه مستقبلا مع المرأة... وقد تظهر الشكوك والاعتراضات على مثل هذه الآراء المستقبلية الا انها تحولت في وقتنا الحالي الى مصدر للامل عند نساء العالم اللواتي يتشوقن الى عالم جديد خالٍ من التناقضات التي وضعتها الانظمة الأبوية... فالمجتمعات الغربية مثلا تجاوزتها بينما المجتمعات الشرقية اما تتعرض لضغوط خارجية لمسايرة مصالحها وبالتالي تروج لاعطاء ادوار وحقوق للمرأة او انها تتعذر بحجج العادات والتقاليد لقتل طاقات المرأة الفكرية والانسانية... وهو ماحذرت منه الامم المتحدة مؤخرا في تقريرها عن التنمية في البلاد العربية

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 539 - الخميس 26 فبراير 2004م الموافق 05 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً