حذر الأمين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية عز الدين خوجة، في ندوة ادارة المخاطر في الخدمات المصرفية الاسلامية التي عقدت أمس وينظمها المعهد المصرفي تحت رعاية مؤسسة النقد العربي السعودي على مدى يومي 24 - 25 فبراير/شباط الجاري في السعودية، من تعرض المؤسسات المالية إلى تحديات مختلفة بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على نشأة هذه الصناعة، ما يعوق نموها وتطورها وقد يهدد وجودها.
وقال خوجة في اليوم الثاني للندوة خلال الجلسة الخامسة بعنوان «الرؤية المستقبلية للمصرفية الاسلامية في ضوء المخاطر» إن هذه التحديات التي تواجهها الصيرفة الاسلامية تنقسم الى ثلاث فئات وهي تحديات ومخاطر على المستوى الذاتي، تحديات ومخاطر على مستوى الصناعة بالاضافة الى تحديات ومخاطر على المستوى الدولي.
والمعروف أنه يوجد حاليا نحو 267 مؤسسة مالية اسلامية تعمل في المجال التجاري والاستثماري (بحسب أرقام 2001) في مختلف أنحاء العالم مقارنة بـ 176 مؤسسة في العام 1997، بالاضافة الى وجود الكثير من النوافذ والفروع الاسلامية، وصناديق الاستثمار، وشركات التأمين الاسلامية (التكافل). كما أن اجمالي موجودات هذه المؤسسات ارتفع خلال الأعوام الاربعة الماضية بمايزيد عن 23 في المئة الى نحو 262 مليار دولار أميركي.
وحدد خوجة عددا من التحديات هي:
- محدودية المنتجات والابتكارات في أدوات ادارة واستثمار الأموال على الطريقة الاسلامية مثل الاستناد على السعر المحدد مسبقا في عقود المرابحة والسلم والاستصناع ومحاكاة البنوك التقليدية في تحديد كلفة تقديم المنتجات للمحافظة على الميزة التنافسية، والاختلاف الواضح بين المصارف الاسلامية في استخدامها للمنتج الواحد وهنا أكد أهمية تأسيس «مركز دول للجودة والتطوير المالي» الذي بادر المجلس العام للمصارف الاسلامية باعداد دراسة بشأنه وهو حاليا قيد المناقشة.
- صعوبة تعامل وتفاعل المصارف الاسلامية مع التطورات المتلاحقة في مجال تقنيات الاتصال والمعلوماتية وشبكة الانترنت. وأشار خوجة هنا الى أن المعلومات تفيد أن عدد المصارف الاسلامية التي لها مواقع على شبكة الانترنت وتقدم خدمات مصرفية الكترونية لعملائها لايزيد عن نصف المؤسسات الكبيرة التي يزيد رأس مالها عن 100 مليون دولار أي 11 مؤسسة فقط بينما 82 في المئة من المؤسسات المالية التي يقل رأس مالها عن 25 مليون دولار ليست لديها مواقع على الانترنت.
- عدم نيل الكوادر البشرية العاملة في المؤسسات المالية المصرفية الاسلامية حظها من التدريب الذي تستحقه بالاضافة الى عدم الترابط بين المعاهد والجامعات والواقع العملي داخل المؤسسات المالية الاسلامية، وهنا أشار الى خطوة مؤسسة نقد البحرين للدعوة الى تأسيس «مركز دولي للتدريب والدراسات والبحوث الاسلامية».
- تحديات التمويل والاستثمار، اذ اتضح أن غالبية التوظيفات وجهت الى عمليات محددة العائد.
- البيئة القانونية والاشرافية، تطبق على المصارف الاسلامية في الكثير من الأحيان الضوابط واللوائج التي تنطبق على المصارف التقليدية، وبدأ هذا العائق يتضاءل بعد تأسيس «مجلس الخدمات المالية الاسلامية» في ماليزيا.
- تحديات السوق المتمثلة في السلبيات والشبهات العالقة في الأذهان.
- تحديات الالتزام الشرعي، على رغم تطور تشكيل هيئات رقابية داخلية بالتدريج وصولا الى المجلس الشرعي الداعم للمؤسسات المالية على مستوى اصدار المعايير الا أن هذه الصناعة لاتزال تشكو من عدم استجابة الهياكل الحالية الى المتطلبات المتجددة والطموحات، ومن هنا يجدر اقتراح اشتمال النظام الشرعي على جهاز للمعايير الشرعية، جهاز الفتوى الشرعية، جهاز الرقابة الشرعية، ومن هنا أتت أهمية «مركز التحكيم الاسلامي» الذي هو تحت الانشاء.
- ومن التحديات على المستوى العالمي تواجه المصارف الاسلامية تحديات العولمة والتحرير المالي العالمي، مع الأخذ في الاعتبار أن الصناعة المالية الاسلامية لاتزال ضعيفة اذ لاتزال 82 في المئة من المصارف يقل رأس مالها عن 25 مليون دولار، أما المؤسسات التي يزيد رأس مالها عن مليار فلا تتجاوز ثلاث مؤسسات، أما المؤسسات التي يزيد رأس مالها عن 500 مليون دولار فعددها 10 مؤسسات (بحسب أرقام 2001)، وهذا يعني أن المؤسسات المالية الاسلامية غير مهيأة لمواجهة المنافسة المقبلة نظرا إلى محدودية رأس مالها وصغر حجم موجوداتها، وهنا تجدر الدعوة الى اعادة هيكلة رؤوس الأموال بالزيادة وتوسيع قاعدة المساهمين. ودعا خوجة هنا الى تأسيس مصرف اسلامي ضخم برأس مال لايقل عن ثلاثة مليارات دولار ليكون همزة الوصل بين الأسواق الاقليمية والعالمية.
- تحديات العداوة والتشهير بالمصارف الاسلامية بدعم الارهاب، وتجاوزت هذه الحملات التشهير الى المعاقبة الجائرة بالحجز على الأموال ورفع القضايا ضد بعض المؤسسات الاسلامية.
ولفت خوجة في ورقته الى ضرورة التعاون والتنسيق فيما بين المؤسسات المالية الاسلامية بشكل منظم ودائم ومهني، ذلك لاشتراكها في وحدة الأسس والوسائل والأهداف وسعيها الى ايجاد نظام مصرفي يتفق تماما مع الشريعة الاسلامية.
ودعا، من أجل تحقيق ذلك، الى تكوين ملتقى سنوي للتخطيط الاستراتيجي ينظمه «المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الاسلامية» ويدعى اليه متخصصون استراتيجيون وذلك بهدف اعلاء وتكريس مفاهيم التضامن المالي الاسلامي في المجالات كافة، والمساهمة في بلورة رؤية استراتيجية مالية اسلامية في مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، وترسيخ هوية الصناعة المالية الاسلامية والدفاع عنها، ودعم وتعزيز سبل الاتصال والتعاون مع الهيئات الدولية والاقليمية، والمساعدة في تطوير «نسق متكامل للتعامل مع الاتجاهات الفكرية ذات الرؤى المتعددة في الموضوعات المشتركة ذات العلاقة بالصناعة المالية الاسلامية، والعمل على تحدديد القضايا المستقبلية وتطوير وسائل للتعامل مع المشكلات بالاضافة الى تشجيع التعاون فيما بين المؤسسات المالية الاسلامية خصوصا في القضايا المالية والنقدية. واختتم خوجة حديثه مطالبا بضرورة وضع ثلاثة أهداف أمام نظر القائمين على صناعة المال المصرفية، وهذه الأهداف هي العمل على التميز في في تقديم الصناعة والمنتجات المالية وابراز المعالم والخصائص الحقيقية للعمل المصرفي الاسلامي للوقوف على قاعدة تنافسية صلبة أمام المصارف الأخرى، والتنسيق فيما بين المؤسسات المالية الاسلامية بشكل دائم ومنظم لحماية ودعم وتطوير الصناعة المالية الاسلامية ككل وتأمين احتياجاتها المشتركة بالاضافة الى التعاون مع السلطات النقدية والاشرافية والمؤسسات المالية العالمية بما يحقق المصالح المشتركة ويراعي خصوصية وطبيعة المؤسسات المالية الاسلامية وماتلتزم به من معايير وضوابط
العدد 538 - الأربعاء 25 فبراير 2004م الموافق 04 محرم 1425هـ