المواكب الحسينية في البحرين تنتشر في القرى والمدن وتتخذ أنماطا متشابهة في التشكيل وأسلوب إدارة المواكب. في المنامة توجد هيئة المواكب الحسينية التي تمثل المآتم الرئيسية في العاصمة، وتم انتخاب أعضائها لأول مرة منذ تشكيلها قبل خمسين عاما. وهذا ربما استثناء فرضته الظروف وبسبب ما حدث في سبتمبر/ أيلول 1953 من فتنة طائفية في أيام عاشوراء من ذلك العام. وهذا أدى إلى أن تدخل الجهات الرسمية على الخط بشكل مباشر.
إلا أن كل المناطق الأخرى لها هيئاتها. فالمحرق لها هيئة لتنظم مواكبها، والديه لها هيئة، وكل قرية تخرج فيها مواكب حسينية لديها هيئة تنظم أنشطة المواكب.
وفي هذا العام يبدو أن هيئة المواكب في المحرق تفوقت على غيرها في أسلوب الإدارة وإصدار التعليمات وتوزيع المهمات. فالتنافس بين المناطق الرئيسية على عمل الخير يدفع بهذه الهيئة أو تلك إلى الواجهة.
هيئة المواكب في الديه تمتاز عن غيرها بقدرتها على تطوير مواكبها وتنظيم عشرات المواكب التي تستضيفها يوم الحادي عشر من محرم من كل عام. وطريقة تنظيم الديه تختلف عن طريقة المنامة، ففي حين يذهب المشاركون إلى المنامة للمشاركة في مواكب مآتمها، تفسح الديه إلى المواكب الأخرى لأن تخرج باسمها، من دون الحاجة إلى أن تنضم إلى أحد مواكب الديه. وتنظيم النشاط الحسيني في الديه يعتبر فريدا من نوعه، وقد حاولت عدة مناطق أخرى تنظيم المواكب بهذه الطريقة، ولكن تبقى الديه في القمة بالنسبة إلى هذا الأسلوب. القرى كذلك لديها هيئات لتنظيم مواكبها الداخلية، إذ تقوم الهيئة بالاتفاق على سير الموكب وأين يبدأ وأين ينتهي وأي مأتم يبدأ ومن يلحقه. ويمكن للمرء معرفة ما إذا كانت القرية على علاقات قوية بين رموزها من خلال مراقبة سير المواكب وطريقة تنظيمها.
قبل انتفاضة التسعينات كانت المشكلات كثيرة، في عدد غير قليل من المناطق، وكان البعض يخرج في موكبه بطريقة تعكّر مزاج المواكب الأخرى، ولكن أثناء الانتفاضة توحدت المواكب وتم تنظيم الهيئات بأسلوب أفضل. وتميزت فترة التسعينات بظاهرة الشباب الذين يديرون الأنشطة بدلا من كبار السن، وزاد على ذلك أن شباب الريف أصبحوا هم الأساس بالنسبة إلى مواكب العاصمة وهم الذين يحددون أي موكب له شعبية أكثر من غيره.
وظاهرة «ترييف» مواكب العزاء ظاهرة حديثة ولها آثارها على طريقة أداء النشاط الحسيني. ففي حين تبقى مواكب العاصمة في أيدي أصحاب المآتم، فإن أصحاب المآتم هؤلاء لا يستطيعون نجاحا إلا إذا وافق شباب الريف على إنجاح الموكب هذا أو ذاك. وهذه الظاهرة التي تختص بها العاصمة تطرح موضوع التمثيل لهؤلاء الشباب في هيئة المواكب الحسينية في المنامة. وإذا كانت المناطق الأخرى استطاعت ترتيب أوضاعها فإن مواكب العاصمة مازالت تتخلف عن غيرها في الجوانب التنظيمية القائمة على تمثيل المشاركين في المواكب بصورة أكبر ومقاربة لحجم الجهود التي يبذلها الكثير من الشباب (من خارج المنامة) الذين يعتمد عليهم النجاح أو الفشل؟
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 537 - الثلثاء 24 فبراير 2004م الموافق 03 محرم 1425هـ