صحيح أن رئيس مجلس الحكم الانتقالي العراقي حميد عبدالمحسن، قد تراجع في اليوم التالي عن تصريحاته النارية التي قال فيها ان العراق سيؤجل المطالبة بالأراضي التي سلخت منه، وحددها في الأردن والكويت، إلا أن هذا التراجع والتصويب، لم يغيرا من الأمر شيئا.
فما حدث للكويت في العام 1990 لم يكن وليد خلاف على بئر نفطية، أو على تعديات قيل فيها ما قيل في تلك الفترة، ولكنه «تراث» تتناقله الأجيال العراقية، وتحمله معها، بغض النظر عن نوعية النظام الذي يسيطر على البلاد.
فلم تؤثر الشيوعية ولا البعثية ولا حتى السلطة «المؤمركة»، على المطالبات العراقية في الكويت، والآن الأردن، ويعلم الله ما الذي ستتم المطالبة به غدا، وذلك يحدث في الوقت الذي يريد العراق أن يستقر ويجد الدعم والعون من أقرب المحيطين به.
إن هذا التصريح - على ما فيه من طرافة لا تخفى - يشير بوضوح إلى أن المشكلة لن تقف عند انتهاء عصر صدام حسين، لأنها - أساسا - لم تبدأ به، وبالتالي، فكأن هناك من الرسميين العراقيين من يريد إيصال رسالة مفادها ان السكوت عن الوضع الحالي في شأن الأراضي «المسلوخة» لا يعني انتهاء القصة والركون إلى الشرعية الدولية، وأن المطالبات، السياسية والعسكرية، ستظل ماثلة أمام المنطقة حتى قيام الساعة.
كل من عبدالكريم قاسم وصدام حسين، فهما الدرس، ولكن الأوان حينها قد فات، وسيبقى الأمر ماثلا أمام الحكومة المؤمل تشكيلها، وما تليها من حكومات عراقية، لتستوعب أن السمك الكبير يستطيع التهام السمك الصغير، ولكن كل ذلك يتم داخل أحشاء الحوت الدولي الكبير
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 536 - الإثنين 23 فبراير 2004م الموافق 02 محرم 1425هـ