الأحياء القديمة في المنامة تصبح مركز الحدث أثناء عاشوراء بسبب توجه الناس من كل حدب وصوب إلى حضور البرامج الحسينية والمشاركة في الفعاليات المختلفة. وهذه الأحياء القديمة هي تقريبا ذاتها منذ مئة سنة مضت، والمواكب الحسينية الكبرى تخرج من مآتمها وثم تطوف على خط سير تم اعتماده منذ منتصف الخمسينات. والمواكب الحسينية ازدادت من حيث عدد المشاركين - عشر مرات - عما كانت عليه في الخمسينات، ومع ذلك لم تتغير طريقة السير، ما قد يعرض سلامة المشاركين لمخاطر الازدحام المعروفة.
تحديد سير المواكب كان قد تقرر في اجتماع بين رؤساء المواكب الرئيسية في المنامة والمستشار البريطاني آنذاك تشارلز بليغريف، وذلك تحاشيا لحدوث أية مشكلة مشابهة لما حدث العام 1953. وعلى أساس ذلك تأسست لاحقا هيئة المواكب الحسينية (لمواكب العاصمة) وهي التي تولت الاتفاق فيما بينها وبين سلطات الأمن. وهيئة مواكب العاصمة ظلت تسير ببطء، بل إنها كانت ترفض مبدأ الانتخاب لأعضائها حتى العام الماضي عندما تم انتخاب هيئة تمثل المواكب لأول مرة منذ تأسيسها. ومنذ انتخاب الهيئة تعرض أعضاؤها لضغوط متعددة، وحاول البعض إثارة الخلاف داخلها، بل وصل الأمر في فترة ما إلى الدعوة لتأسيس هيئتين وهو ما رُفض. ولكن الهيئة مازالت بحاجة إلى تفعيل على أساس شرعي مستمد من أعضاء المواكب التي من المفترض أنها تمثلها.
ومن الأمور التي يمكن للهيئة تطويرها هي مسألة الصحة والسلامة، بحيث تتم إعادة النظر في كل ما يتعلق بالنظافة والمخارج والمداخل وطرق السير وإعادة تحديد سير المواكب، بحيث يتم الأخذ في الاعتبار الحجم المتزايد للمشاركين.
لقد استجابت وزارة الصحة لواحد من مطالب هيئة المواكب وشرعت في تشييد مركز صحي مؤقت لموسم العاشوراء بجنب مسجد الخواجة، وهذا يلبي مطلبا رئيسيا للوقاية من الأمراض ولمعالجة أية حالة طارئة. وما نحن بحاجة إليه أيضا هو أن تضاعف المحافظة والبلدية والمواكب أنشطتها لتنظيف جميع الأحياء ليل نهار وتزيل جميع مصادر الروائح. كما أن السلطات مطالبة بأن تراقب موضوع النظافة، فتحت الضغط الهائل للناس يمكن لبعض الممارسات غير الصحية أن تنتشر.
الهيئة المنتخبة يمكنها الاتصال بجميع المسئولين والتحدث إليهم للاعتناء بجميع هذه الأمور والخروج عن الإطار التقليدي الذي سارت عليه منذ إنشائها قبل خمسين عاما. فموسم العاشوراء يمكن أن يُحوّل إلى سياحة دينية، تماما كما يزور أهل البحرين المدن المقدّسة في مناسبات معيّنة. فهناك حاليا عدد غير قليل من أهالي المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى ممن يقدمون إلى البحرين في موسم العاشوراء للمشاركة، وهذا بحد ذاته يخدم في تنشيط موقع البحرين في السياحة الدينية. والسياحة تحتاج بالضرورة إلى تسهيلات الصحة والسلامة والنظافة والنظام، وهو ما نأمل أن تبادر الهيئة والمسئولون إلى القيام به
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 536 - الإثنين 23 فبراير 2004م الموافق 02 محرم 1425هـ