منذ سقوط بغداد على يد المحتل الأميركي وهناك فضائح تتكشف يوميا عن كيفية ما حكم به ذلك المستبد شعبه العريق وكيف كان وراء بؤسه وشقائه.
لقد شوه صدام حسين حزب البعث وأساء إلى مبادئه التي كان يفترض فيها أن تملأ الفراغ الذي تركه المرحوم جمال عبدالناصر لكن الانحراف والاستبداد وإلغاء كل من حوله وجعل العراق مزرعة خاصة به وبإبنيه قصي وعدي أثر سلبا على كل المتغيرات التي ربما كانت ستحدث خلال فترة حكمه خصوصا فيما بين حربيه التي دخلهما ضد إيران ثم الكويت ولهذا أحبط الشعب العربي وأرجأ التفكير في أي تغيير لأنظمته لا لأنه يخاف تقديم التضحيات فحياته ليست ثمينة أبدا وهو يعيش في ظل أنظمة غير ديمقراطية جعلته يكفر بهويته العربية بل لأنه كان الأنموذج القومي وصنوه الآخر ما هو إلا صورة أسوأ منه وأكثر سوادا مما هو فيه حاليا ما ينطبق عليهما المثل الفارسي القائل (تُف بائي لَعْنَت باؤُو) ومعناه البصقه على هذا واللعنة على ذاك، فقد وجد أن الوقت غير مناسب ومن الأفضل له التشبث بالمثل الخليجي القائل (يود مينونك لا إييك أين منّه). ولم يكن يعلم العقلاء من المواطنين العرب أن التشبث وراء ذلك كوبونات تساوي الملايين وليست مبادئ وثوابت فكرية وقناعة الكثيرين به من الكتاب وخيرة المثقفين والصحافيين وبعض القياديين العرب الذين اعتبروه أنموذجا جيدا لضبط الشعوب ومدرسا ممتازا لتعليم كيفية وضع الشعب كله في سجن واسع ونهب كل أموال الدولة وليس الاكتفاء بجزء منها. ولهذا فإن عناصر قيادية خليجية صاروا تلاميذ بارين لهذه المدرسة وشديدي الإعجاب بشخصيته وأسلوبه في الحكم ما جعلهم يقربون إليهم تلاميذ المدرسة الصدامية ويسندون إليهم مناصب قيادية عليا، وكانوا فعلا بعيدي النظر في اختيارهم فكانوا خير من خدموا هذه الأنظمة بالمقاييس التي أرادتها هذه القيادات مع خداعهم للجماهير أن الذين يديرون الجهاز التنفيذي واجهة تقدمية مشرفة وكأنهم في دول اشتراكية لا أنظمة تقليدية عفنة؟
كم أتمنى أن تبقى فضيحة (كوبونات صدام) في حدود ضيقة ولا يتم نشرها بشكل واسع حتى لا يتسبب في مزيد من إحباط (المغشوشين) من مواطنينا في حارس «البوابة الشرقية» وصاحب «أم المعارك». الآن علمت لماذا يسيئون إليك كلما كشف الإنسان عن عورة صدام الفكرية في مجالسهم ومنتدياتهم. إن ذلك يأتي بتأثير «كوبونات صدام» لا بسبب إحساسهم بصدقية فخامته
العدد 534 - السبت 21 فبراير 2004م الموافق 29 ذي الحجة 1424هـ