عاشوراء البحرين له شعائر عدة بعضها تطور كثيرا، وأصبحت المناسبة الحسينية محطة رئيسية للناشطين من أجل خير المجتمع للانطلاق في برامجهم التوعوية. ومنذ الانفتاح السياسي في مطلع العام 2001 عادت الحيوية إلى عاشوراء بعد ان رفعت عنها القبضة الأمنية وبعد ان سمحت الحكومة بدخول الخطباء الحسينيين غير البحرينيين بعد منع استمر 20 سنة.
عاشوراء قبل 3 اعوام احتوى على مظهر فريد عندما شارك رموز وناشطون من الشارع الاسلامي السني (مثل رئيس جمعية الاصلاح الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة) في مسيرة العلماء وفي التبرع بالدم. كانت تلك المشاركة نوعية لانها حاولت اخراج الموسم الحسيني من طابعه المذهبي الخاص إلى طابع اسلامي عام.
غير أن تلك المبادرة لم تتكرر في السنوات التي لحقت، ربما لان الوضع السياسي والديني كان اكثر حماسا تجاه العمل الوحدوي. فلقد تصدر الشيخ عبدالأمير الجمري (عافاه الله) والشيخ عيسى بن محمد آل خليفة برامج وحدوية في عدة مناسبات وكانت هناك اشارات أولية وجدية عن احتمال تكوين تحالف اجتماعي - سياسي بين الاتجاهين اللذين مثلهما الشيخان. ولكن مرض الشيخ الجمري وغيابه عن الساحة، وانشغال الآخرين بقضايا متعددة أنهى تلك المبادرات من دون ان يتكون عمل وحدوي، كنا ومازلنا نحتاج إليه لترشيد الحياة السياسية.
ثم كانت هناك مبادرة نوعية اخرى قبل عامين لم تتكرر، وهي إقامة برنامج عاشوراء باللغة الانجليزية. وقد تبنى مكتب الشيخ الجمري دعوة بعض الناشطين لذلك البرنامج الذي أحياه استاذ مسلم - اميركي تحدث عن الامام الحسين (ع) في قاعة شهرزاد على شارع البديع وحضر البرنامج اناس كثيرون ممن لا يجيدون العربية ومن البريطانيين والاميركان وكان الاحياء نوعيا. ولكن ذلك البرنامج لم يتكرر فيما بعد لمرض الشيخ الجمري وعدم تحمس العلماء الآخرين لمثل هذا النشاط.
غير ان هناك نشاطات مبتكرة استمرت مثل المرسم الحسيني الذي يعتبر بحق انجازا للمبدعين الذين اسسوه وواصلوا اعماله. ونأمل ان تنفذ وزارة الاعلام وعدها لاعضاء المرسم وتسمح بانشاء «جمعية المرسم الحسيني» بصورة رسمية. فلقد شارك اعضاء المرسم في اضفاء وجه جديد ومشرق للشعائر الحسينية، وتشجيعهم يعتبر تشجيعا للفن الملتزم الذي نحتاج إليه كثيرا.
وهناك الاستخدام المتطور لتقنية المعلومات والعرض الالكتروني الذي يغطي احياء العاصمة القديمة، بالاضافة إلى التكنولوجيا المتطورة في الصوتيات التي ابدع فيها البحرينيون. وهو أمر يمكن الاستفادة منه كثيرا لتطوير قدرات البحرينيين العملية.
وهناك الجانب الانساني المتمثل في التبرع بالدم والذي يكون عائده ايجابيا على المجتمع بصورة عامة. وقد شارك الاطباء والممرضون والملتزمون بضوابط الصحة العامة في ادارة هذه الحملات سنويا ما اضفى على عاشور بعدا ايجابيا بدلا من بعض المظاهر التي تحسب بصورة سلبية على الموسم الحسيني.
موسم العاشوراء في البحرين لايعادله اي موسم في اي بلد آخر بما في ذلك «كربلاء» التي تحتضن قبر الامام الحسين (ع). فعاشوراء البحرين حركة اجتماعية كبرى متطورة في عدد من اساليبها تجمع الناس على حب الحسين (ع) ... فإحياء ذكراه إحياء للنفس في كل زمان ومكان
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 534 - السبت 21 فبراير 2004م الموافق 29 ذي الحجة 1424هـ