ما كتبته عن وزارة التربية غيض من فيض، وما يجري من آلام في وزارة التربية وغيرها وليس قصة جديدة وليس غريبا، فالأسى والحزن والمأساة التي يعيشها الكثير من بناتنا العاطلات مازالت غائرة في القلوب. إن هذه القضية مازالت تقرح قلوبنا، وإن الملف الذي تابعته سابقا قد زاد وفاض، وليت الجميع يعلم كم كيف يعانين هؤلاء الخريجات العاطلات سواء خريجات الخدمة الاجتماعية أو الجغرافيا التطبيقية أو الحاسوب. إن ما تعانيه بناتنا الخريجات ليس فقط من الطائفية، فتلك قصة لها فصول وفصول وإنما أيضا بسبب أمور كثيرة تسربت إلى الوزارة منذ سنين فاستحكمت على غالبية مفاصلها، فعندما تدخل وزارة التربية وتقرأ أسماء المتنفذين تجد أعدادا هائلة من المنتسبين، فتصاب بالحزن لما بلغ إليه التمييز. أعتقد ان الذاكرة مازالت تسعفها تلك الصورة المأسوية التي وقعت في إحدى دول الجوار عندما شب حريق في إحدى مدارس البنات فمنع بعض الدعاة رجال الإطفاء أو غيرهم إسعاف البنات كي لا يقعوا في حرمة مسهن، ولك أن تتصور حجم المأساة وأنت تشاهد بنات في عمر الزهور يحترقن بالنار، فأنت بين خيارين لا ثالث لهما، وفي كل الأحوال أنت ملام. فماذا تقول إذا اجتمعت عقلية ذكورية كهذه موصولة برؤية شوفينية؟! أنا أعلم أن وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي يحمل تطلعا إصلاحيا إلى وزارة التربية، وأنا مؤمن بقاعدة «لا رأي لمن لا يطاع» ولكن إلى متى تتحمل هؤلاء الخريجات تلك التناقضات، فلا يمكن القبول بأن يصبح مدير متنفذ برتبة وزير ولو مجازا وفي أية وزارة؟ أطالب السلطة بالنظر فيما يجري في وزارة التربية، وهنا أطرح الحروف بلا نقاط، ولا أظن أننا بحاجة إلى كتابة سلسلة مقالات مدعمة بالمستندات على الطريقة التي اتبعناها مع هيئة التقاعد. نقول ذلك حرصا على وزارة التربية، وإذا استمرت الطائفية بهكذا أساليب فلن نسكت عن الوضع، فلا يمكن أن نقبل - ونحن نسمع يوميا عن مضامين «الأسرة الواحدة» و»مساواة المواطنين» - بأن تلقى بناتنا على قارعة الطريق ولسنوات طوال، ذنبهن الوحيد أنهن من فئة معينة. والغريب في الأمر أن 99 في المئة من العاطلات من فئة واحدة. فهل يمكن لمدير التوظيف أن يفسر لنا هذا الأمر عبر مؤتمر صحافي؟ أتمنى على الجميع أن يقرأوا أسماء من تم توظيفهن وترقيتهن، ومن أصبحوا مديرين أو مديرين مساعدين، بل ليقرأوا أسماء من تم توظيفهم لمهنة سكرتير أو سكرتيرة، فقط انظروا الأسماء والشهادات وسنين العمل فستصابون بالذعر، وأتمنى عليكم أن تقرأوا ماذا يحدث في عمليات التقييم سواء في امتحانات طالبي العمل أو المقابلة. صورة محزنة لا يمكن السكوت عنها. إلى متى الصبر عما يحدث؟ ولماذا هؤلاء الخريجات هن اللاتي يدفعن الثمن دائما؟ إذا، أين هي المواطنة التي تتفجر يوميا عبر الصحف؟ القضية تحتاج إلى قرار سياسي حكيم كما حدث للعاطلات قبل عام ونيف تقريبا. قبل عام قمت بالاتصال بأحد المسئولين في الوزارة - والذي لا أشك في وطنيته او اخلاصه - فقلت له إن ابن رئيس جمعية إسلامية يقدم امتحانه في منزله دون بقية زملائه، فأجاب: كلامك صحيح وذلك لأن ابن هذا الرئيس يعاني من «مرض»، فقلت له: هل كل من يمرض يعطى صلاحية أداء الامتحان في المنزل؟ وهل هناك رقابة علي الطفل؟ وما هو نوع المرض؟ ولماذا لا يقدم الامتحان في المستشفى وخصوصا أن أعدادا من موظفي الوزارة قريبون أو منتسبون إلى الجمعية ذاتها، فدرءا للشبهات يجب أن يقدم الطفل الامتحانات النهائية للوزارة في المستشفى
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 532 - الخميس 19 فبراير 2004م الموافق 27 ذي الحجة 1424هـ