ليس عيبا أن نختلف في أدائنا السياسي وفي رؤانا للقضايا السياسية، لكن يجب ألا يدفعنا كل ذلك إلى اختلافات غير حضارية. بعد الحقبة التي مرت بها البلاد في فترة التسعينات أعتقد أن الجميع آمن بالحل السلمي في تعاطينا مع الأمور، المعارضة والسلطة. وهذا خيارنا باعتبارنا بحرينيين فليس عيبا ان نختلف ما دام اختلافنا يترجم عبر القنوات السلمية وعبر الاطر الهادئة وهذا ما يجب ان نركز عليه. قد تصل الأمور الى حال من التباين في تفسير القضايا ولكن يجب ألا يخرجنا ذلك عن أدب الحوار وحضارة الاختلاف.
السلم الاهلي والتعاطي الهادئ مع القضايا يجب ان يكون خيارا استراتيجيا ويجب ان يكون واضح المعالم على مستوى التعاطي والأداء والتواصل ما بين السلطة والمجتمع والمجتمع والسلطة، فالمناخ الاقتصادي المثمر لا شك أنه بحاجة الى استقرار سياسي ليتساعد فيه الجميع. وكلما كانت هناك حرية منضبطة وخطاب حضاري واعٍ من قبل المعارضة والسلطة كلما اتجه الوضع إلى الحياة الفضلى.
لا شك انه في الفترة الوجيزة التي مرت تلبدت سحب من الدخان ما بين الاثنين وحدث ما حدث من مد وجزر. ولكن على رغم ما حدث فإنه يجب ألا يفقدنا ذلك عقلانيتنا السياسية ورشدنا السياسي في تعاطينا وعلاجنا للأمور.
الحوار هو الخيار والنهج السلمي يجب ان يكون موقعا يرتكز عليه كلا الطرفين، وذلك لا يكون الا عندما تقوم السلطة بترسيخ الثقافة المتوازنة وعندما تقوم المعارضة بتعبئة الجمهور بثقافة التوازن وثقافة السلم.
أثبتت التجربة ان خيار الأنظمة والشعوب يجب ان يكون خيارا سلميا مهما كان عمق الاختلاف، فالاوطان تنمو بالتوازن وبالتصالح وبالقواسم المشتركة وبترسيخ ثقافة التسامح واللجوء إلى الأطر السلمية. هذا ما يجب ان نرسخه في وعينا كسلطة وكمعارضة وان نرسخه في أذهان الجمهور.
اعتقد ان السلطة كلما قامت بتحسين معيشة المواطن البحريني ودفعت نحو ترسيخ مشروعات تدفع بهذا الاتجاه سيؤدي ذلك إلى إزالة أية ترسبات حزن هنا أو هناك.
فالمشروعات السكنية وضخ مزيد من الاموال في هذا الاتجاه لا شك أنها ستدفع باتجاه تقوية العلاقة بين المواطن والسلطة، كما أن العمل نحو استيعاب مشكلة البطالة هو الآخر سيساهم في ذلك. ولو ضربنا مثلا على ذلك لوجدنا دولة الإمارات العربية خير مثال لهذا الأمر. فالدولة هناك وفرت كل سبل العيش الكريم للمواطن الاماراتي اقتصاديا، فكانت النتيجة علاقة متينة وقوية. طبعا هذا لا يعني عدم قناعتنا بالحقوق السياسية والمدنية ولكن انا مؤمن بالقاعدة النبوية المنطلقة من أهمية توافر الخبز لتهدئة القلوب، فالرسول (ص) يقول: «لولا الخبز لما عُبد الله».
إشارات:
- ماذا يجري في إدارة البريد؟ تلك قصة لها فصولها ستسفر عنها ذات صباح أسئلة نقدمها إلى الإدارة، ولكن صحافيا!
- قامت وزارة العمل بطلب اسماء كل الموظفين في الوزارة ومن يمتلكون سجلات تجارية. وهذه خطوة في الاتجاه الصحيح ولكن يبقى السؤال: هل سيكون القرار مطبقا على الكبار والصغار؟ هذا ما نتمناه. واذا ثبت ان القرار سيطبق على الجميع بما فيهم الكبار فهذا سيزيد من ترسيخ صدقية الوزارة لدى الرأي العام
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 532 - الخميس 19 فبراير 2004م الموافق 27 ذي الحجة 1424هـ