قال السيوطي في تاريخه «ولما قتل الحسين مكثت الدنيا سبعة أيام والشمس على الحيطان كالملاحف المصفرة، والكواكب يضرب بعضها بعضا، وكان قتله يوم عاشوراء، وكُسفت الشمس ذلك اليوم، واحمرت آفاق السماء ستة أشهر بعد مقتله، ثم لازالت الحمرة ترى فيها بعد ذلك ولم تكن ترى فيها قبله».
... وقال «وقيل: إنه لم يُقلب حجر بيت المقدس يومئذ إلا وجد تحته دمٌ عَبِيطٌ، وصار الوَرْسُ الذي في عسكرهم رمادا، ونحروا ناقة في عسكرهم، فكانوا يرون في لحمها مثل النيران، وطبخوها فصارت مثل العلقم، وتكلم رجل في الحسين بكلمة، فرماه الله بكوكبين من السماء فطمس بصره».
... وقال «ولما قُتل الحسين وبنو أبيه بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد، فسُرَّ بقتلهم أولا، ثم ندم لمّا مقته المسلمون على ذلك، وأبغضه الناس، وحُقَّ لهم أن يبغضوه».
-II-
أخرج ابن سعد عن عمران بن سليمان «قال: الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنة، ما سمت العرب بهما في الجاهلية».
قال أبوأحمد العسكري «لم يكن هذا الاسم يُعرف في الجاهلية»، وقال المفضل «إن الله حجب اسم الحسن والحسين حتى سمّى بهما النبي صلى الله عليه وسلم ابنيه (حفيديه)». وأخرج البخاري عن ابن عمر قال: «قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم هما ريحانتاي من الدنيا». وأخرج الترمذي والحاكم عن ابي سعيد الخدري قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة».
أخرج الترمذي عن أسامة بن زيد «قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم والحسن والحسين على وركيه، فقال: هذان ابناي وابنا ابنتي، اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحبَّ من يحبهما». وأخرج عن أنس قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أهل بيتك أحب إليك؟ قال: الحسن والحسين».
-III-
أخرج البخاري عن أبي بكرة قال: «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن إلى جنبه ينظـر إلى الناس مرة وإليه مرة يقول: إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين».
قال السيوطي: «ولي الحسن رضي الله عنه الخلافة بعد قتل أبيه بمبايعته أهل الكوفة، فأقام فيها ستة أشهر وأياما، ثم سار إليه معاوية - والأمر إلى الله - فأرسل إليه الحسن يبذل له تسليم الأمر إليه، على أن تكون له الخلافة من بعده، وعلى ألا يطالب أحدا من أهل المدينة والحجاز والعراق بشيء مما كان أيام أبيه، وعلى أن يقضي عنه ديونه، فأجابه معاوية إلى ما طلب، فاصطلحا على ذلك، فظهرت المعجزة النبوية في قوله صلى الله عليه وسلم: يصلح الله به بين فئتين من المسلمين».
... وقال السيوطي: «توفي الحسن رضي الله عنه في المدينة مسموما، سمته زوجته جَعْدَة بنت الأشعث ابن قيس، دَسَّ إليها يزيد بن معاوية أن تسمه فيتزوجها، ففعلت، فلما مات الحسن بعثت إلى يزيد تسأله الوفاء بما وعدها، فقال: إنا لم نَرْضك للحسن أفنرضاك لأنفسنا؟ وكانت وفاته سنة تسع وأربعين».
-IV-
قال كعب الأحبار: «لن يملك أحد هذه الأمة ما ملك معاوية». وقال الذهبي: «توفي كعب قبل أن يستخلف معاوية، قال: وصدق كعب فيما نقله؛ فإن معاوية بقي خليفة عشرين سنة لا ينازعه أحد الأمر في الأرض، بخلاف غيره ممن بعده؛ فإنه كان لهم مخالفا، وخرج عن أمرهم بعض الممالك، خرج معاوية على علي، وتسمى بالخلافة، ثم خرج على الحسن، فنزل له الحسن عن الخلافة».
أخرج البيهقي وابن عساكر عن إبراهيم بن سويد، قال: «قلت لأحمد بن حنبل: مَن الخلفاء؟ قال: أبوبكر، وعمر، وعثمان وعلي. قلت: فمعاوية؟ قال: لم يكن أحق بالخلافة في زمان علي من علي».
أخرج السلفي عن عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: «سألت أبي عن علي ومعاوية، فقال: اعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش له أعداؤه عيبا فلم يجدوا، فجاءوا إلى رجل قد حاربه وقاتله فاطرَوْه كيادا منهم له».
... قال السيوطي: «وفي سنة خمسين... وفيها دعا معاوية أهل الشام إلى البيعة بولاية العهد من بعده لابنه يزيد، فبايعوه، وهو أول من عهد بالخلافة لابنه وأول من عهد بها في صحته». وكتب إلى مروان بن الحكم في المدينة أن يأخذ البيعة، فخطب مروان فقال: «إن أمير المؤمنين رأى أن يستخلف عليكم ولده يزيد سُنة أبي بكر وعمر، فقام عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق فقال: بل سُنة كسرى وقيصر، إن أبا بكر وعمر لم يجعلاها في أولادهما، ولا في أحد من أهل بيتهما».
-V-
... قال السيوطي: «فلما مات معاوية بايعه (يزيد) أهل الشام، ثم بعث إلى أهل المدينة من يأخذ له البيعة، فأبى الحسين وابن الزبير أن يُبايعاه، وخرجا من ليلتهما إلى مكة. فأما ابن الزبير فلم يبايع ولا دعا إلى نفسه، وأما الحسين فكان أهل الكوفة يكتبون إليه يدعونه إلى الخروج إليهم زمن معاوية، وهو يأبى، فلما بويع يزيد أقام على ما هو مهموما يجمع الإقامة مرة ويريد المسير إليهم أخرى».
وقال السيوطي... «فأشار عليه ابن الزبير بالخروج، وكان ابن عباس يقول له: لا تفعل، وقال له ابن عمر: لا تخرج (...) وبكى وودعه؛ فكان ابن عمر يقول: غلبنا الحسين بالخروج، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة».
قال السيوطي: «فقتل وجيء برأسه في طَشتٍ حتى وُضع بين يدي ابن زياد، لعن الله قاتله وابن زياد معه ويزيد أيضا».
قال الثعالبي: «روت الرواة من غير وجه عن عبدالملك بن عُمير الليثي قال: رأيت في هذا القصر (قصر الإمارة في الكوفة) رأس الحسين بن علي بين يدي عبيدالله بن زياد على ترس، ثم رأيت رأس عبيدالله بن زياد بين يَدي المختار بن أبي عُبيد، ثم رأيت رأس المختار بين يدي مصعَب بن الزبير، ثم رأيت رأس مصعب بين يدي عبدالملك (بن مروان)».
-VI-
أخرج الترمذي عن سلمى قالت «دخلت على أم سلمة، وهي تبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام، وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلت: ما بالك يا رسول الله؟ قال: شهدت قتل الحسين آنفا».
أخرج البيهقي عن ابن عباس قال: «رأيت رسول الله صلى عليه وآله وسلم بنصف النهار أشعث أغبَرَ وبيده قارورة فيها دم، فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله، ما هذا؟ قال: هذا دم الحسين وأصحابه، لم أزل التقطه منذ اليوم، فأحصى ذلك اليوم فوجدوه قتل يومئذ».
قال نوفل بن أبي الفرات: «كنتُ عند عمر بن عبدالعزيز، فذكر رجلٌ يزيد، فقال: قال أمير المؤمنين يزيد بن معاوية، فقال: تقول أمير المؤمنين؟ وأمر به، فضرب عشرين سوطا».
... في القرن العاشر للهجرة ذكر الإمام جلال الدين السيوطي (توفي سنة 911 هـ 1505م) قصة الحسين في تاريخه فانفطر قلبه وغصت ريشته بالكلمات، فكتب «وكان قتله بكربلاء، وفي قتله قصة فيها طول لا يحتمل القلب ذكرها، فإنا لله وإنا إليه راجعون»
إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"العدد 532 - الخميس 19 فبراير 2004م الموافق 27 ذي الحجة 1424هـ