العدد 2351 - الأربعاء 11 فبراير 2009م الموافق 15 صفر 1430هـ

عمران يستعرض ملابس رجال البحرين خلال قرن مضى

بعنوان ملابس الرجال في البحرين خلال القرن الماضي، أقام منتدى جدحفص الثقافي محاضرة للباحث في التراث الشعبي عبدالله عمران، استعرض أنواع الملابس الرجالية في البحرين وألوانها ودلالتها والمواد المستخدمة في صناعتها ومسمياتها وطرق حفظها وما تعكسه من ثقافة شعبية.

وقد أشار عمران إلى أن هذا البحث هو نتيجة جهد قامت به لجنة التراث الشعبي في الملتقى الأهلي الثقافي، وقد اشترك معه في إعداد هذا البحث كل من أسيا الرويعي وفوزية محمد وموزة الدوسري، مؤكدا على أن جمع هذه المادة عن الملابس ليس عمل أطلس بها بل التطرق إلى مختلف الملابس في البحرين سواء الريفية أو البدوية.

حادثة كل ياكمي

وليبين عمران أهمية اللباس كثقافة في القرن الماضي ابتدأ حديثه بحكاية الشيخ ميثم بن علي المعلى البحراني حين عاتبه علماء الحلة في العراق على عزلته فرد عليهم بأبيات:

طلبت فنون العلم أبغي بها العلى

فقصر بي عما سموتُ به القلُّ

بيَّنَ لي أن المحاسن كلها

فروع وأن المال فيها هو الأصل

ولما أنكروا عليه ذلك رد عليهم بهذه الحكاية وأنه حين استضافه جمع من الناس ذهب إليهم بلباس بسيط جدا فأهملوه وأجلسوه في خاتمة المجلس وأخذ يحدثهم بدرر من علمه وحكمته فأهملوه ولم يلتفت إليه أحد، ولما ذهب لهم بلباس آخر يبدو عليه الغنى والجاه والرفعة والخيلاء دعوه إلى صدر المجلس فحدثهم بفاضل الكلام، وبحديث ليس فيه من العلم شيء ورغم ذلك أثنوا على حديثه، ووجدوا أن فيه علما وحكمة، وبجلوه وقدره بعكس فعلهم معه بالأمس فأشار إلى لباسه عندما وضعوا المائدة قائلا كل ياكمي كل ياكمي.

اللباس يعبر عن الثقافة

وأشار عمران إلى أن الإنسان يرسل بملابسه عدة رسائل، دينية، بيئية، ثقافية، ففي الوقت الذي حثت الديانات السماوية والحس السليم على عدم الزهو والغرور في الملابس في نفس الوقت حثت على أهمية المظهر الخارجي وحسن الملبس واستخدام الطيب والنظافة واللباس الحسن بل هو جزء من الواجبات، وأضاف بأن لباس الإنسان البدائي كان من جلود الحيوانات ومن ورق الأشجار، واستعرض صورا من مقتنيات متحف البحرين الوطني تمثل جانب من لباس العصر الدلموني وصورا لختم دلموني يبين جزء من ملابس الرجل، والمرأة، وصورا لصانع النسيج التقليدي في البحرين.

الكركم للصباغة والشنان للتنظيف

ثم تحدث عن المواد المستخدمة في صباغة الملابس من مثل القرمز إلى الأسفل الفوفل، وصبغة النيلة والكركم، والحناء، وأشار إلى تنظيف الملابس بالشنان والطين البري وإلى حفظها في ما يسمى بالصندوق المبيت والسلال المختلفة.

الأبيض والأسود شائعان

وتحدث عن الألوان الشائعة، فأشار إلى أن اللون الأبيض والألوان الفاتحة عادة هي الألوان المحببة في منطقة الخليج بصورة عامة وفي البحرين بصورة خاصة، مرجعا ذلك لاعتبارات أهمها البُعد المناخي والجمالي والديني والنفسي فالأبيض رمز النقاء، والصفاء، والأيمان، أما اللون الأسود فالأغطية الخارجية للرجال والنساء يغلب عليها اللون الأسود وهو أيضا أحد مظاهر موسم عاشوراء وشهر محرم في البحرين، أما اللون الأخضر فهو رمز أهل البيت وهو لون الطبيعة الخلاب.

الصاية العراقية والدقلة

واستعرض عمران الخامات المستخدمة في الملابس، فذكر القطن ونبات الكتان، وحرير القز، ثم تحدث عن أصل تسميات الأقمشة في البحرين فذكر الثوب حيث أشار القاموس المحيط إلى أن الثوب هو ما يُلبُس، ويقال رجل طاهر الثوب بريء من العيوب، ومن أنواع الثياب القباء (الصاية): قَبَاءٌ، ومن الألبسة أيضا الصاية العراقية والحساوية، الجبة الشتوية الصيفية، وهناك الجبة السودانية، العراقية، وثوب الدقلة، والزبون والشلحات، الصخمة (اللبادة) والصديري( السديري).

العمامة أنواع أقلها اللوت

وتحدث عن أغطية الرأس العمامة الغترة العقال الشطفه القحفية والعمامة البحرينية التقليدية وعمائم رجال الدين حيث هناك عمامة رجل الدين الشيعي والعمامة الأزهرية، والعمامة صنعانية، والعمامة الخضراء والسوداء للسادة، وعمامة علية القوم، وهناك العصابة ( اللوت) عمامة صغيرة وتحدث عن أجزاء العمامة وهي الصوقعة مدخل الرأس والكور وهو الإطار العام للعمامة البشوت للوجاهة والمقام.

ثم تحدث عن الأردية «البشت» فمن خلاله يتبين مقام صاحب اللباس فاستعرض البشوت الشتوية التي تحاك من الصوف الممتاز الذي يستورد عادة من سورية، والإحساء، ويكون عادة بلونين الأبيض، والأسود وهناك البشت المُمشط لاحتوائه على خطوط شبيه بالمشط مزخرفه بالذهب، والفضة، والتي تمتد من أعلى الكتف إلى أسفل الخصر، ويتخللها بعض الخيوط الملونة كالأزرق، والأحمر، وهناك البشت المُعلمة، ويستعاض في بعض الأحيان بتداخل ألوان الخامة على هيئة مشط بدون الحاجة لوجود زري في تداخل الألوان وهناك البشت البرقه وهو نوع من البشوت المُمشطه، وأن اختلفت شكل الخطوط، حيث يتخلله خطوط طولية بيضاء، أو بنية، أو سكرية، وتسمى خياطة هذا البشت (باللبنة) وهو من البشوت الشتوية الفاخرة القديمة والتي تحاك من الصوف، والتي اعتاد على ارتدائها علية القوم في المناسبات المختلفة، وقد قل استخدامه في الوقت الحاضر، ومن أشهر أنواع البشوت اليدوية الإيرانية (الدورقي )، وهو بشت صيفي رقيق تُصنع خامته في إيران ، وهو شبيه للبشت الخاجية، إلا أنه يأتي في الدرجة الثانية بعده من حيث الجودة في العمل ونعومة الخيوط المحاكة به.

من الأردية القديمة البردة

واستعرض عمران من الأردية كذلك البردة، وهي قطعة طويلة من القماش الصوفي السميك الذي يستعمله الناس كرداء خلال النهار وكغطاء أثناء النوم، أما لون القماش فأسمر، أو رمادي، ويبدو إن هذا النسيج كان مخططا على الدوام في العهود القديمة.

وقد استعان عبدالله عمران في عرضه للبحث بمجموعة كبيرة من الصور للملابس البحرينية، مما سهل عليه مهمته، وفي ختام المحاضرة كانت هناك مجموعة من المداخلات المتواصلة مع هذا الموضوع الشيق، وقد أكد بعض المتداخلين على أهمية الدقة المنهجية في اختيار المادة، وتصنيفها واستعراضها وتدوين المعلومات لبعض الصور من حيث المكان والزمان والشخصيات، فقد دفعت المحاضرة بعض الحضور للإشادة بها والدعوة لإضافة بعض المواد الأخرى التي جزء من وجدانهم وذكرياتهم من الألبسة البحرينية القديمة.

العدد 2351 - الأربعاء 11 فبراير 2009م الموافق 15 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً