استضافت صالة البارح للفنون التشكيلية معرضا للفنانة الإيرانية فريدة لاشائي، عرضت فيه مجموعة من أعمالها التي تميزت بأسلوب تجريدي وبتلاشي الألوان أحيانا وصراحتها أحيانا أخرى في ملمح حديث يميزها.
لعبة المساحة
توزعت اللوحات على جدران الدار، في لعبة على المساحة بين ثنائية الضيق والسعة. وتراوحت أحجام اللوحات بين الحجم الصغير والحجم الكبير، بما ينوع المساحة التي تضع فيها الفنانة ألوانها ويظهر التمكن والاقتدار الفني. فمرة يتحدى اللون نفسه في المساحة الصغيرة ليظهر حداثته بانفتاحه للتأويل رغم صغر حجم اللوحة، ومرة يتحدى المساحات الواسعة ليظهر قدرة في المحافظة على انفتاح المعنى فيه رغم السعة.
ما وراء اللون
تنوعت ألوان لوحات لاشائي بين الأزرق والأخضر والأسود والرمادي إذ يأتي الأزرق باهرا بصراحته وكأنه سماء ليل مفتوحة فوق هضبة واسعة هي اللون الرمادي الذي يمثل لون الأرض. ويحضر الأسود كفضاء تتمسرح فيه الألوان ويدفعك الأسود والأخضر لأن تقرأ فيهما شيئا من ثقافة بصرية بما يدفعك للتساؤل والاستفهام البريء عما وراءهما.
الأسود مسرح الألوان
في حديثها إلى الوسط أشارت الفنانة لاشائي إلى أنها لا تختار الألوان بل إن اللون هو الذي يفرض نفسه على اللوحة. وأشارت إلى أن المساحات أمامها مفتوحة في اللوحة، وأنها تستخدم الأسود كلون جديد بالنسبة لها وللتعبير عن الفراغ والخلفية التي ترى فيها الأشياء أو كمسرح تتحرك فيه الألوان. كما أوضحت أن استخدامها للأسود ليس للتعبير عن الحزن مؤكدة على أن اللون «هو الذي يختارني ولا أختاره». ومرت لاشائي في تجربتها على ألوان مختلفة مفيدة بأن تنوع الألوان في التجربة هو كالعزف على الأوتار المختلفة مما ينتج موسيقى متنوعة، كما أشارت إلى أن الألوان تعبر أحيانا عن لمحات لمشاعر سريعة تعكسها الريشة على مستوى في اللوحة.
وفي إجابتها عن توظيف المساحة في اللوحة، أشارت الفنانة الإيرانية إلى أن اللوحة هي التي تفرض نفسها، مستدركة «أحيانا أبحث عن الرسم في المساحة الصغيرة كالمنمنمات، وأحيانا أرسم في المساحة الكبيرة».
ابنة الفنانة: «اللون ظل الأشياء في اللوحة»
وخلال حديثها إلى الوسط تضحك لاشائي قليلا لتستدعي ابنتها «مانلي» التي تصفها بأنها محللة بارعة لأعمالها، بما يشي بأن لدى لاشائي «البنت» الكثير لتقوله للوسط، وهي التي رافقت اللوحات طويلا ونشأت معها وبين عينيها. مانلي، التي تحاول إيصال كلامتها بما تمكنها بها قدراتها في اللغة العربية، تشير إلى أن «الألوان في اللوحة هي ظل الأشياء كما هو ظل الشجرة، حيث لا يحتفي الفنان بالشيء نفسه عادة بل بالأثر الذي يبقيه في النفس، كما هي ثقافة الفلاسفة وثقافة المتصوفين كابن عربي وغيره».
وتكمل قائلة «إن الثقافة البصرية التي تتعالق معها الفنانة هي ثقافة فن المنمنمات القديمة»، مؤكدة فكرة توزع الأشياء بصريا بين الثنائية المفتوحة من حيث النور والظلام، مشيرة إلى أن استخدام والدتها للأسود والأخضر «لا يعد تأثرا بالألوان في الثقافة الشيعية» مستدركة بأن «هذا ليس تعاليا بل هو النور والظلام في الثقافة البصرية للإنسان بثقافاته المختلفة وانتماءاته المتعددة».
- ولدت فريدة لاشائي في إيران العام 1944، وبدأت في ممارسة الرسم منذ أواخر الستينيات. تخرجت لاشائي من أكاديمية الفنون التشكيلية بفيينا وعملت كمصممة كريستال في ستوديوهات ريدل في جنوب النمسا ثم عمل في ستوديوهات روزينثال في منطقة سيلب بألمانيا.
قادها تصميم الكريستال للنحت إلى جانب ولعها بالفن التشكيلي. أقامت 33 معرضا شخصيا لها في إيران وفي عدد من العواصم الأوروبية وفي الولايات المتحدة الأميركية. كذلك شاركت في عدد من المعارض الجماعية من بينها المعرض الإيراني للفن المعاصر، ومعرض كريستي الشهير بلندن وعدد من المعارض في شنغهاي وروما.
العدد 2351 - الأربعاء 11 فبراير 2009م الموافق 15 صفر 1430هـ