العدد 531 - الأربعاء 18 فبراير 2004م الموافق 26 ذي الحجة 1424هـ

الشعراء هم المسئولون عن عزلة الشعر

درويش ضيف بالرباط:

أحيا الشاعر الفلسطيني محمود درويش، مساء يوم السبت بالرباط أمسية شعرية في إطار فعاليات «زمن الكتاب» الذي تنظمه وزارة الثقافة المغربية، والذي ترمي من خلاله إلى تشجيع القراءة من خلال الحث على التبرع بالكتب.

وخلال قراءته لبعض من إنتاجه سواء القديم أو الحديث حبس درويش الأنفاس على مدى أكثر من ساعة ونصف الساعة.

بدأ درويش الأمسية من قصيدة «قلت لآخر لا تعتذر إلا لأمك» ليطوف بمستمعيه بزنزانة «المحكوم بالإعدام، لا أشياء أملكها لتملكني» وبوديان الحب ومنحنيات القضية وعتبات المستوطنات وحب البلاد.

يحلق درويش فيما يشبه الصوفي المنقطع عن الدنيا في تحرر عن كل ما يشير إلى الأرض و الأشياء:

«أنا المحكوم بالإعدام لا أشياء أملكها لتملكني، كتبت وصيتي بدمي ثقوا بالماء يا سكان أغنيتي»... ويستمر درويش في تجواله بجمهوره بين المعاني وبين الألوان الشديدة التقابل ليرسم لوحات تتجاور فيها الألوان الدافئة والساخنة في بحث عن هوية تجمع كل هذه المتقابلات.

«لا شيء يعجبني درست الأركيولوجيا من دون أن أجد الهوية في الحجارة هل أنا حقا أنا؟... يقول الجندي أنا دائما لا شيء يعجبني أحاصر دائما شبحا يحاصرني ... يقول السائح العصبي ها نحن اقتربنا من المحطة الأخيرة فاستعدوا للنزول ويصرخون نريد ما بعد المحطة فانطلق أما أنا فأقول أنزل هنا أنا مثلهم لا شيء يعجبني ولكني تعبت من السفر».

بعد ذلك عرج درويش على مدينة عكا التي تقع حاليا ضمن حدود فلسطين 48 على القدس، ليحدث مستمعيه عن السلام ومعاهدات السلام «خذوا أرض أمي بالسيف لكنني لن أوقع باسمي معاهدة الحب بين القتيل وقاتله».

لقد أعطت قصائد درويش وكل الأوراق التي نشرها على جمهور مسرح محمد الخامس بعدا خاصا لزمن الكتاب ما منحه الرغبة في القراءة والتبرع بالكتاب بل حافزا على الكتابة والنظم والغناء والشرب من كأس الحياة.

ليقول محمود درويش بهذا الخصوص إن المسئول عن عزلة الشعر وضعف مقروئيته ترجع للشعراء أنفسهم «الذين استمرءوا العزلة وبحثوا عن قارئ مفترض في عالم الغد».

وكان محمود درويش ذكر في لقاء صحافي أنه أصبح من اللازم «إعادة المعنى للشعر» لأنه «إذا أصر كثير من الشعراء على أنهم يكتبون لجيل الغد وليس لجيل اليوم فإنهم يدفعون بذلك القارئ إلى التخلي عن القصيدة».

وأضاف الشاعر الذي يوجد في المغرب في ضيافة «برنامج زمن الكتاب» الذي تنظمه كتابة الدولة المغربية المكلفة بالشباب تحت شعار «امنحوا الرغبة في القراءة... تبرعوا بالكتب» أن الشعر «لا يعدم قراءه وأنه مادام هناك قراء فثمة صدى لهذا العمل الذي يبدو عبثيا».

وبالنسبة إليه فإن لحظات الهزيمة التي يعيش على وقعها الشاعر لا تمنع تدفق الشعر لأن هذا الأخير ليس مرتبطا دائما بلحظات الانتصار بل هو لصيق كذلك بالانكسارات التي «تحفز الروح الإنسانية لترد على لا شعرية هذا العالم ولا إنسانيته».

فالشعر «يقول محمود درويش» لا يقاس بحسابات الربح والخسارة إنه «هش يخاطب الروح الهشة ليستنفر أقوى ما فيها» مضيفا أن احتلال الأرض أو انهزام الجيوش لا يقف حاجزا في وجه الشعر الذي يرفض «هزيمة الروح واحتلالها».

واعتبر درويش أن القصيدة في نهاية المطاف هي تعبير عن ذات الشاعر في علاقتها بالأشياء والكون «فكل شاعر عندما يكتب نصا فإنما يكتبه انطلاقا من ذاته» موضحا أن شعره لم يشذ عن هذه القاعدة «فكان تعبيرا عن انتماء الشاعر للحال الفلسطينية التي تختزل كل معاني الإنسانية المعذبة حيث الأرض محتلة والعدل مفقود».

وفيما يتعلق بالقصيدة النثرية اعتبر محمود درويش أنه لا يمكنه أن يرفض أي اقتراح شعري جديد وأن ما يهم هو «تحقق الشعرية» وأن الساحة الشعرية مفتوحة لكل الخيارات مؤكدا في الوقت ذاته أن قصيدة النثر لم تكن خياره في يوم من الأيام.

ولم يختزل درويش لقاءه مع الصحافة المغربية والأجنبية المعتمدة في الحديث والإجابة عن أسئلة الشعر بل تطرق إلى موضوعات مختلفة منها ما ارتبط بوضعية المثقف العربي ومنها ما ارتبط بدور المثقف الفلسطيني السياسي في ظل الأوضاع الحالية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية ومنها ما ارتبط بعالم الرياضة خاصة كرة القدم التي اعتبرها «أشرف وأنبل الحروب، ولعبة قابلة لعدة تأويلات»





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً