العدد 531 - الأربعاء 18 فبراير 2004م الموافق 26 ذي الحجة 1424هـ

ثلاثـية القلم... الشاعر والمناضل

هناك علاقة طردية، جدلية ومهنية بين أضلاع مثلث الابداع والتغيير والتقدم كعلاقة الماء ببخار الماء حين يتكثف، القلم كأداة ووسيلة، الشعر كلغة وموسيقى، النضال كقدر وسعي الشعوب نحو الأفضل والمستقبل... القلم والورق زاد المثقف - إضافة إلى عقله طبعا - ضمن الأدوات الحسية للمعرفة الإنسانية.

كتب أحد المبدعين «الانسان الاعتيادي يلقى على الأرض ظلا، في حين إنسان العبقرية (المبدع) يلقى ضوءا»... المبدع المثقف هو الوسيط الوحيد بين الحضارات والمعرفة الإنسانية والموهبة والإحساس من جانب وبين المتلقي (كقارئ أو مشاهد أو مستمع أو متابع) من جانب آخر.

المثقف المبدع يبحث عن طيف من ضوء عله يجد بين الأركان المعتمة لأرواحنا مكانا ومستقرا بدل حال القلق والحيرة التي تنتابنا كلما جالت بخاطرنا فكرة جديدة أو فسحة فنية رائدة، إذ نلجأ إلى القلم (الريشة) النوتة الموسيقية لتدوين الحال الإبداعية وتسجيل تجلياتها الفنية والقبض على لحظاتها لقطتها ضمن صورة فوتوغرافية ساكنة بلحظتها الراهنة ومتحركة الأفكار والألوان في الوقت ذاته.

المثقف المبدع هو هي (لا فرق) الذي يصل عبر لغته الإبداعية وأحاسيسه روحا بروح ويوسع أفق المعرفة والتطلع إلى التقدم، وهو العاكس والناقل للمعرفة ممزوجا ببصمات روحه الوثابة وحيث هو سيد وسائل الإيصال والأبداع ولا أحد يعلو على المثقف المبدع في أهليته للقيام بهذا الدور التنويري والنامي للذائقة الحسية والمطوع للحال الذهنية والفكرية للملتقى والمجتمع إجمالا.

القلم أداة من أدوات التسجيل والتدوين، القلم قناة تسهل وتساعد على نقل المعرفة وليس الجزء الأهم بل الجزء الظاهر ولكن المرء يحس برغبة شديدة للقلم والكتابة، رغبة ملحة جدا، إذ يكون العقل في قمة مداركه والفكرة في قمة الاختمار والنضج تصبح الرغبة ملحة جدا في إحتضان القلم، حينها تتساءل : هل ينجح هذا القلم اللعين في نقل أفكارك بشكل أمين؟ هل ينجح بشكل صادق في نقل إحساس وهم الكاتب المبدع؟

القلم لا يستطيع أن يفارق المثقف المبدع والعكس صحيح ضمن علاقة تزاوجية جدلية ومعرفية تنسج وتتكون بينهما ضمن حال أثيرة وأسيرة للطرفين خاصة للمبدع، إذ القلم يصبح ذات قيمة إذا استعمل كالعقل تماما مع فارق الوظائف طبعا... أما إذا أهمل فيضمحل ويصبح جزءا من الديكور الجامد الصامت الذي تعتاد عليه العين إلى درجة الاهمال. القلم الريشة كالشمعة التي تحترق وتنير الدرب للآخرين كما قال الشاعر الكبير ناظم حكمت (إذا لم احترق أنا وأنت فمن ينير الدروب للآخرين؟)





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً