العدد 531 - الأربعاء 18 فبراير 2004م الموافق 26 ذي الحجة 1424هـ

مخلوف يفتح عين السراب والموسيقى

قدم الشاعر اللبناني عيسى مخلوف مجموعة من أشعاره القديمة والحديثة احتفاء بديوانه الجديد «عين السراب» وذلك ضمن الأمسية الشعرية التي أقامها له مركز الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث، بتاريخ الاثنين 26 يناير/ كانون الثاني.

الأمسية بدأت بأنغام رقيقة واستحضار لموروث غنائي، سرعان ما زاوجها الشاعر بتطلعاته نحو السماء والأرض وعشقة للطبيعة البديعة، إذ كانت أولى أبياته:

«جميلة هي الأرض

جميلة هي السحابة المتهادية وحدها في السماء

جميلة هي النجوم

وغريبة أنوارها».

بعدها تطلع الشاعر الى نجومه باحساس فطري بأنها وعلى رغم جمالها وجلالها فإنها تخشى من انطفائها ويخشى الشاعر بانطفائها أن تنطفئ جذوة عمره لذلك يتساءل في قلق:

«ترى أترأف بك؟!

لأنها تدرك أن مصيرك ومصيرها واحد».

غير أن هذه النجوم وهذه الأرض لا تزال تحمل أوجها كثيرة للجمال ولايزال الليل يستمع الى التحيات، ولا يزال يشير الى أولئك الذين بلغوا الضفة الأخرى، أولئك الذين ينظرون الينا ويضحكون:

«صباح الخير أيها المساء المتدفق في طفولتنا

بعد قليل يرتفع البحر الى أعلى الصواري

تعود السفن الى الشاطئ

أولئك الذين بلغوا الضفة الأخرى

ينظرون الينا ويضحكون

الراحلون من غير رحيل».

ويتمنى الشاعر في غمرة اعجابه بهؤلاء العابرين الى الضفة الأخرى يتمنى لو أنه يخطو الخطوة الأخيرة:

«حينما نخطو الخطوة الأخيرة

ننام

سننام طويلا بعد أن تنحرف أسراب الموسيقى

قبل أن يمضي كل منا في اتجاه».

ولكن المرأة تظهر هنا، ويا لجمال تلك الأنثى التي يحلم بها الشاعر ويا لدفئها الذي يأخذ بقلبه الذي يستشعر حجم المرارة التي يقاسيها، فهو لا يستطيع الاحساس بالحياة وهي بعيدة عنه، كيف لا وهو يلجم حنينه كمثل غيوم ترحل:

«وجهها في كتفي كنعامة توشوش الأمل

نجمة صبحي تختفي وراء انتظاري

لصوتها رائحة الظهيرة

ينفحني شهرها التاسع».

إذا من الذي يستطيع أن يعود بالشاعر الى احساسه الأول؟! من الذي يستطيع احياءه من جديد؟! ومن يقوى على الموت؟! من الذي يستطيع أن يجعل الشاعر قادرا على العبور بروية واثقا بتحقيق ما يتمنى من دون أن يستعجل الأمل؟!

«من الذي سيحيي الشمس الطالعة؟!

هناك عندما نموت يموت عنا شخص آخر

لا شيء يسرع هناك

لا الغيمة ولا قطرة الندى

لا شيء يسرع هناك

هو الخوف ما يجعلنا نسرع

الخوف من أن يأتي المنتظر

نعيش في لحظة اللحظة التي يأتي فيها»

غير أنا لا نستحق كل هذا الدفء والجمال

«فالذي يمضي نتركه يمضي

كالنهر كالغيمة السارحة

يمضي الوجه ويبقى جماله

لا نتعقب أثره

ولا نناديه».

وهنا يفتح عيسى مخلوف «عين السراب» لتخرج منها حمامة بيضاء تأخذ به بعيدا عن هذا الألم، عله يستطيع بسفره هذا أن يبتعد عن المكان الذي أنجبه، فالناس يسافرون بحثا عن طفولاتهم:

«ليكون الوداع مليئا بالوعود

نسافر لنقول للذين افتقدناهم اننا سنعود

لنبحث عن آلهة أكثر رحمة

نسافر حتى لا نرى أهلنا يشيخون

نسافر في غفلة من الأعمار المبددة سلفا

نسافر حتى اذا ما عدنا الى أوطاننا

أحسسنا بأننا مسافرون

نسافر لنخدع الموت فنتركه يتعقبنا»





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً