العدد 531 - الأربعاء 18 فبراير 2004م الموافق 26 ذي الحجة 1424هـ

الشعر فن وأبداع

المنامة - تقي محمد البحارنة 

تحديث: 12 مايو 2017

...واستكمالا لما تقدم في الحلقة السابقة، فقد كتب كثير من الشعراء عن أشعارهم ومعاناتهم الشعرية. وكان لزاما علينا أن نسأل شاعر البحرين الاستاذ ابراهيم العريض عن ذلك، وها هو يشاركنا في القول، بهذه الابيات الجميلة من ديوان «العرائس»:

قلت يوما لابنتي ليلى وقد

أخذت ديوان شعري، تتغنى

طبت يا ليلاي نفسا فافهمي

ليس كالشاعر في الأرض معنّى

هو من أحلامه في جنةٍ

فأذا حدث عنها، قيل جُنّا

كّلنا طائره في قفص

انما يطلقه المجدودُ مِنّا

يحسب الناس جواه أدبا

قلَّ من شاركه فيما أجّنا

ثم يطوي ليله صبحٌ فلا

هو للحبّ... ولا من حبَهنّا

ولقد خيل إليَّ، بعد ايراد تلكم النماذج، أنني استوفيت الموضوع، وأن بأمكاني أن اقفل باب هذه «الفذلكة» عن الشعر والشعراء، لولا أن طرق الباب طارق يعرفه الشعراء، وألح عليَّ بتقديم اعتذار عما سقته من استشهادات فيها تقليل من شأن الشعر وشياطينه. وكما يفعل المتمرسون بانتزاع الافادات من المتهمين، فقد طلب أن اضع اسمي على أبيات هذه القصيدة التي أنشرها لتكون خاتمة المطاف، طمعا في رحيله عني... ربما.

قدر الشعر

قدر الشعر صار رمية رامي

فاز فيها الشقي بين الأنامِ

فهو في محنة الضمير إذا ما

عجز القول عن بيان المرامِ

ان مأساة شاعر ينطقُ الحقّ

رَوتْها الأجيالُ، من ألفِ عام

«فجلوا صارما، وقالوا صدقنا

وتلوا باطلا، بحدّ الحسامِ»

قد مضى الشعر حين ولّى بنوه

كسدت سوقه لدى السّوامِ

أيها الشعر: ما الذي يجتنيه

طالب القرب منك، غير السقامِ؟

صاحب الشعر لاتراه سويا

حين يمشي، وصحوُه كالمنام

وتراه مؤرّقا، حين يغفو

الناس، مستسلمين للأحلام

ناظم الشعر، يتقي عثرة الأوزان

رعبا... ونفسه في ضرام

مستلذا عذابه في القوافي

وكأن العذاب... كأس مدام!

ليس يرويه مصدر من بنات الشعر

ألا من مصدر الألهام

يصف الحب والغرام وما ذاق

عذابا، بصبوة أو غرام

تتراءى له الحروف نجوما

ثم تخبو، كتائه في الظّلام

يا مُجِدّا في صيد غر المعاني

بين كر الاقدام والأحجام

سل عن الشعر من قضى العمر فيه

وتزود ببلغة، أو طعام

وتسامر مع المجيدين فيه

من ذوي الشعر أو ذوي الأفهام

فرصة الشعر قد تجيء مع الأبداع

طوعا، وليس بالارغام

غير اني منه على مضض الصبر

مقيم... ويا لعسر مقامي

لا يرى الناس فيه بلغة عيش

وفصيح الكلام... كالأعجام

أنا أن مسني من الشعر شيطان

مريد، صرفته من أمامي

وتعوذت، ثم أغمضت عيني

وهو مازال واقفا قدامي

ليس همي «سهمي» من الشعر

لكن همومي من راميات السهام!

يستبيني حينا، بخود تثنى

في جمال الصبا، وحسن القوام

أو بمرعى من البساتين والأزهار،

والطير، صادح الانغام

واذا خاب ظنه، نكأ الجرح

عميقا... بموضع الآلآم

في فلسطين، والعراق، وحشدٍ

من جماهير شعبنا المستضام

لم يعد همها التشكي من الحكام

لكن: من «حاكم» الحكام!

نحن في «التّيه» مثل أعمى تحرى

بيديه... مواضع الأقدام

نكبة «الحرّ» حين يطلب حقّا

فيسمونه: عدو سلام!

ويراه المحتل، مصدر أرهاب

اذا ذب عن حمى (الاسلام)

منطق «القوة» استوى منطق «الحق»

وما «سلمه»، سوى «استسلام».

معنى البيت يشير إلى قول أبي العلاء المعري:

جلوا صارما، وتلوا باطلا وقالوا: صدقنا، فقلنا: نعم





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً