العدد 531 - الأربعاء 18 فبراير 2004م الموافق 26 ذي الحجة 1424هـ

أدباءونقاد يحتفون بشكري

في أمسية بمعرض النشر والكتاب:

الرباط- المصطفى العسري 

تحديث: 12 مايو 2017

على هامش المعرض الدولي العاشر للنشر والكتاب الذي تحتضنه مدينة الدار البيضاء المغربية، احتفى الجسم الأدبي المغربي يوم الأحد الماضي بالحقيبة الأدبية للكاتب المغربي والعربي العالمي محمد شكري الذي انتقل إلى دار البقاء قبل أشهر.

وقد أكد الكثير من الأدباء والنقاد خلال تلك الأمسية أن الاحتفاء بالأديب الراحل محمد شكري هو تكريم رائع لنموذج إبداعي إنساني جميل.

وأضاف هؤلاء النقاد في إطار ندوة تكريمية لمحمد شكري أن أهم ما ميز الأديب الراحل هو عصاميته الفذة وفردانيته الإيجابية التي انطلق بعدها إلى الدفاع عن المهمشين في أعمال إبداعية راقية.

في هذا الصدد اعتبر الأديب والناقد محمد برادة أن حضور شكري المتعدد لم يقتصر على الكتابة وحدها بل تعداه إلى حبه العميق للحياة وبحثه المضني عن معنى لوجوده مشيرا إلى أن شكري ظل في كتاباته يستوحي من حياة التشرد والضياع التي عاشها حين كان غفلا ولم يستسلم إلا مرات قليلة لغواية اللغة والاشتغال على الأسلوب والمفردة.

وقال برادة الذي كانت تجمعه بالراحل صداقة كبيرة «إن شكري اهتم بالأدباء العالميين الذين أنتجوا نصوصا مشابهة لما عاشه من أمثال الفرنسي جان جونيه والاميركي تينيسي ويليامز إذ أنه كان يعرف أنه يتوافر على مادة خامة لا يملكها غيره تتمثل في الذاكرة ونمط الحياة القاسية والخارجة عن النمط المألوف التي عاشها مشيرا إلى أنه كان مشدودا إلى النموذج الحداثي في الكتابة خصوصا لدى الأديب الإيطالي ألبيرتو مورافيا».

وأشار محمد برادة إلى أن الذكاء الحاد كان يدفعه إلى الانفتاح على كل الاتجاهات مع التقاط مفارقات في السلوك والفكر لأن معرفته بالآخرين كانت تخفف من وحدته كما كان يسعى إلى «ردم الهوة بين تفاصيل الحياة الحقيقية والنص المسربل بالغرابة والتخييل».

واستعرض الروائي محمد عز الدين التازي علاقته الشخصية منذ سنة 1969 مع محمد شكري الذي حقق انتشارا عربيا وعالميا واسعا على مستوى المقروئية وكان مبدعا خلاقا يتعامل مع اللغة بحساسية مرهفة دفاعا عن الأشكال الفنية العالية ويكتب أدبا يحتفي بالجماليات، مشيرا إلى أن شكري جاء إلى الكتابة من القراءة بعدما نحت ذائقته الفنية بإطلاعه على الأدب المترجم والأدب العربي القديم والحديث مضيفا أن أميته لم تكن عادية بل كانت أمية تفتق وعي حاد بالكتابة وكانت تجربته ترى العالم بعين الكاتب قبل أن يكتب صاحبها بمعنى أن الكتابة شكلت وضعا جنينيا في حياة شكري ولم يبق عليه إلا إيجاد اللغة التي تسعفه على الكتابة.

من جانبه أعرب الباحث والروائي حسن أوريد الذي يشغل منصب الناطق باسم القصر الملكي المغربي عن خشيته من اختزال اسم محمد شكري في كتابه الشهير «الخبز الحافي» الذي تمخضت عنه ضجة كبرى، إذ أن الأديب ليس مسئولا عن بشاعة الواقع بل إن دوره يقتصر على تجلية هذا الواقع البئيس مشيرا إلى أن قراءة لـ «الشحرور الأبيض» مثلا تؤكد تمثل شكري للأدب العالمي ووقوفه على تقنيات الكتابة.

وأضاف أوريد أن الغاية من إحداث مؤسسة محمد شكري أشمل وأبعد مدى من مجرد الاحتفاء باسمه بل إنها تحيل على العصامية التي ميزت حياة شكري وجهوده الاستثنائية ليصبح كاتبا كبيرا على رغم من المثبطات والعوائق كما تحيل على أهمية الأدب باعتبار أنه ليس هناك تصورا للمجتمعات من دون كتابة وتحيل أيضا على الجانب الشخصي باعتبار الاحتفاء بمحمد شكري احتفاء بالأدب والإنسان وبالقيم التي كان يجسدها الأديب الراحل في حياته.

وأكد الناقد عبد الحميد عقار أن شكري شيد وضعيته الاعتبارية بـ «شموخ واستفزاز» وأن مقروءاته كانت كثيرة وعميقة وجاء إلى الكتابة من الواقع المر والتجربة الحياتية الغنية التي لم يكن العرب قد أولوها ما تستحق من اهتمام معتبرا أنه آن الآوان للبدء من حيث انتهى شكري أي من الكتابة من حيث هي «تشييد للرمزية».

وأضاف عقار أن منظمة اليونسكو اعتبرت كتاب «الخبز الحافي» انموذجا لتحدي الأمية وتجاوز وضعية التهميش والتردي وأن شكري الذي اتخذ من الليل مدارا لأدبه رهن حياته بالكتابة الإبداعية بمعنى إضفاء المعنى على الوجود وهما «مبدأن يخلقان فضاء للكتابة من خلال محمد شكري ومن خلال مبدعين آخرين».

واعتبر الناقد رشيد بن حدو في مداخلة بعنوان «غواية البين بين في سيرة محمد شكري الذاتية» الأديب المحتفى به «من فصيلة المبدعين الذين لا تنفك نصوصهم تغرينا وتدعونا لزيارتها حينا بعد حين» على رغم من أن نصوص شكري لا تخلو من «مكر لا يوحي بغير البراءة والسذاجة» كما لا تخلو من «حياد مخاتل»، موضحا في تحليله لثلاثية شكري التي تتضمن «الخبز الحافي» و«وجوه» و«زمن الأخطاء» أن مفهوم البين بين متداول في الفلسفة المعاصرة ولدى الرومانسيين على الخصوص مشيرا إلى أن هذه الثلاثية تأبى الاستقرار على حال مستعذبة «من العذوبة ومن العذاب» الإقامة بين الحافات والضفاف وأن كتابات شكري تتأرجح على الخصوص بين حذلقة اللغة المكتوبة وليونة الشفاهية التي تتميز بنزعة الصدق وانتفاء التكلف الأسلوبي





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً