بالأمس أطل علينا مع قهوة الصباح كاتب نحرير راح يلامس قضية خطيرة وهي قضية الطائفية في البحرين وراح يحلل حيث شاء ولا أخفي عليكم أن غالبية الموضوع يفتقد ملامسة مكامن الوجع ومواضع الجرح وراح يلقي أساس المشكلة على جمعيات بذاتها كجمعيتي الوفاق والعمل الاسلاميتين إذ انه لم يجد في كل ما جرى من طائفية بغيضة طيلة 30 عاما الا هاتين الجمعيتين. طبعا بدوري اقول لأخينا الكاتب الذي احسبه نزل علينا بـ «برشوت» من السماء، أقول له: صباح الخير كل سنة وأنت طيب. تعجبك جرأتك في الطرح لكن أجدها جرأة انتقائية تقطر دسومة - هي الاخرى - طائفية وذكرني التحليل ذاته بنعامة أرادت أن تخرج بجرأة عالية من فصيلة النعام إلى فصيلة الأسود واذا بها تسقط مكانها. لقد قال كاتبنا - وهو يضرب مثالا على الطائفية - ان جمعية الوفاق إذ ولدت طائفية فكان التأثير ان تفتحت جمعيات طائفية في البيت السني وهكذا هي العملية بالنسبة إلى جمعية العمل الاسلامي، ولدت طائفية فجاءت ردود فعل الأوساط الأخرى للجمعيات الأخرى من البيت الآخر طائفية.
الغريب في الأمر ان الكاتب لم يرَ الا هذين المثالين في كل المجتمع البحريني على رغم باكورة نشأتهما وعلى رغم ان الطائفية في البحرين ليس المسئول عنها المجتمع، ونجد كاتبنا النحرير يقول: «وفي احيان قليلة يكون التمييز من قبل سلطات الحكم» لكنه لم يذكر لنا مثالا عن هذا القليل من التمييز لانه لم يجد الا الحلقة الاضعف - في نظره طبعا - الوفاق والعمل. وانا أضع يدي في يدك ان الطائفيين في البلاد على طولها وعرضها هم الوفاق والعمل... ليس في هذه الأعوام فقط إذ ولادتهما بل منذ عشرات السنين. هل تعلم لماذا؟
1- لأن الوفاق والعمل هما المسئولتان عن توزيع البعثات ومنح الترقيات وتوزيع المسئولين وتوظيف الموظفين بصورة تقوم على التمييز في غالبية وزاراتنا.
2- هل تعلم أن الوفاق والعمل هما المسئولتان عما حدث لأموال الناس في التأمينات والتقاعد وهما المسئولتان عن إلغاء القروض وهما المسئولتان عن ضبابية ما حدث لـ 25 مليون دينار في وزارة العمل، وهما المسئولتان عن ضياع اموال صندوق الطالب في مؤسسة الشباب والرياضة، وهما المسئولتان عما جرى لمحطة الحد، وهما المسئولتان عن توزيع البحر، وهما المسئولتان عن انهاء الجلسة الأخيرة لمجلس النواب عندما طالب بالاستجواب حتى يضعفوا البرلمان، وهما المسئولتان عن اي غسل للأموال يحدث هنا أو هناك، وهما المسئولتان عن عدم استجواب أو سحب الثقة من اي وزير، وهما المسئولتان عن المطرقة في مجلس النواب، وهما اللتان بدلنا الاعراس في البلاد، وهما المسئولتان عن اقتطاع الجزء الشرقي من مقبرة بوري؟
اما عن التمييز والطائفية فحدث ولا حرج، فالوفاق اسست جمعيتها فتأسست الطائفية في البلاد والدليل: انها حرمت 20 طالبا في العام 2000 جاءوا بدرجات امتياز من بعثات إلى بريطانيا وارسلت في الوقت ذاته وفي طائفية واضحة ابن احد المسئولين ذا معدل 76,6 لدراسة «البزنس» في بريطانيا مع عدد من الطلبة معدلات اكثرهم لا تؤهلهم. فهل تعلم لماذا؟ لأن الوفاق هي المسئولة عن تعيين الوكلاء في وزارة الاعلام وهي المسئولة عن بلوغ نسبة «الصفر» في الوظائف الجوهرية في هذه الوزارة وكذلك في مؤسسة الشباب والرياضة. يا سيدي الفاضل خير لك أن تنام من أن تدخل في معركة لا تمتلك أدواتها... واذا كنت تبحث عن ارقام سنعطيك أرقاما ووثائق لترى الحقيقة كما هي. الوحدة الوطنية لا تنجح بأساليب الانتقاء وبالتطبيل هنا وبالدوس بالحذاء الثقيل هناك. العالم اليوم لا يحترم الا لغة الأرقام اما الرقص عاريا بلا خجل فلا يكون الا في «الكبريهات» السياسية واذا كان هناك من يبحث بوعي ومعرفة عن طبيعة الطائفية وكيف خلقت ويمتلك الشجاعة في ذلك مع وضع النقاط على الحروف وبالأرقام فهذا الميدان يا حميدان فليحرجنا بهذا العرض عبر جلسة حوارية هادفة مباشرة وعبر قناة العائلة العربية بدلا من هذا الغثيان وكل هذا التقيؤ الطائفي، فان كان في الكتابة من شيء لحفظ بقية ورقة التوت فإن الجلوس في الحوار أمام الملأ سيسقط هذه البقية. هذه كتابات قديمة شبع منها الجميع واذا أراد أن يتكلم عن التمييز فلينظر إلى تقرير الأمم المتحدة قبل ثلاثة اعوام تقريبا وإلى تقرير وزارة الخارجية الاميركية الحليف الأكبر للمملكة فربما هي الاخرى محسوبة على الوفاق، وليقرأ كتاب اسحق الخوري وكثيرا من المصادر. فعلا الوفاق هي المسئولة عن التمييز في كل مكان بما فيه مجلس النواب ومجلس الشورى، فالوظائف ملئت في يوم وليلة بالكامل عدا وظيفة الفراش واتمنى من كاتبنا ان يرد عليّ غدا باحصاء عن وظائف هاتين المؤسستين المحاميتين عن الشعب والمدافعتين عن حقوق المواطنة التي دعا اليها في مقاله الشريف... ختاما أقول لكاتبنا ما قاله المصريون: «نام حبيبي نام حتفرخ بيض وحمام».
انت طرقت الباب فتحمل الرد.
مؤشرات: منذ عدة أيام والماء مقطوع، الله يستر، ربما في الطريق فضيحة ماء جديدة
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 529 - الإثنين 16 فبراير 2004م الموافق 24 ذي الحجة 1424هـ