النحو مثل الرياضيات من المواد الثقيلة على (كبد) التلاميذ، إذ يعتبرونها جافة وصعبة على استيعاب كثيرين منهم. والإبداع كما يبدو يأخذ أشكالا متعددة إذ لم يعد حكرا على المجال الصناعي والتكنولوجي والعرب هم فرسان الإبداع منذ الجاهلية حتى اليوم في مجال الشعر والأدب والكلمة، فمثلما اكتشف أرخميدس قانون الطفو وهو في الحمام اكتشف الخليل بن أحمد بحور الشعر وهو في الصحراء، فكلاهما سجّل براءة الاكتشاف، وكلاهما دخل دائرة الإبداع.
وبينما يموت الإبداع في الشرق العربي على يد أنظمة تحجر على عقول المبدعين، نجد أن الإبداع في الغرب يكافأ بالتقدير والتشجيع والدعم، ولهذا تقدم الغرب وتخلّف الشرق العربي.
وبينما تم انتخاب (أبوالكلام) أبو القنبلة النووية المسلم في الهند رئيسا للجمهورية تكريما له، تتم محاكمة أبو القنبلة النووية الباكستاني عبدالقدير خان، طبعا بناء على أوامر الأميركان وتقربا لـ «إسرائيل»، وهكذا تتم محاربة الإبداع في البلاد العربية والإسلامية، بينما يكافأ المبدع عند الأوروبيين والهندوس والديانات الأخرى.
وعبدالأمير زهير المدرّس بإحدى المدارس الإعدادية التابعة لوزارة التربية والتعليم واحد من المبدعين، فقد وجد أن التلاميذ يتعثرون في حفظ قواعد النحو ولذلك خطرت له فكرة مسرحة المادة... وازداد حماسه حين وجد نجاحه في تجربته فقرر أن يقدم رسالة الدكتوراه في هذه المادة «مسرحة النحو» لتعمّ الفائدة، وفعلا قدم دراسته بجامعة الخرطوم ورأى أهمية نشر التجربة ودعا الوزارة إلى التعرف على تجربته بعد نيل شهادة الدكتوراه، وحضرت لجنة أحد الدروس العملية فأبدى أعضاء اللجنة إعجابهم، لكن إعجابهم هذا كان مؤقتا ونسوا تعميم التجربة أو تناسوه، أو بسبب العذر التقليدي المعروف «ما ميش ميزانيّه».
وكان بحسب التقييم الهندي - على الأقل - أن يتم تكريمه برفعه إلى درجة مدير للمدرسة بعد هذه الجهود التي بذلها وخصوصا أنه مدرس قديم وتقدم بمثل هذا الطلب، لكن الوزارة عاملته معاملة الباكستان لعبدالقدير خان، صحيح أنها لم تعتقله إلا أنها أهملته ولم تستجب لتحقيق هذا الطموح البسيط، مع أنه يحمل شهادة الدكتوراه ولديه خبرة وحماس كذلك، لكن عقابا له تم رفض طلبه.
كم أتمنى أن تعامل الوزارة الدكتور عبدالأمير معاملة أبوالكلام الهندي، بتكريمه، لا معاملة عبدالقدير الباكستاني بمعاقبته
العدد 528 - الأحد 15 فبراير 2004م الموافق 23 ذي الحجة 1424هـ