تسعى سلطة التحالف في العراق إلى خلق قناعات اكيدة في اوساط الرأي العام العراقي بأن من يقف وراء حملة التفجيرات التي طالت الكثير من التجمعات العسكرية الاميركية والشرطة العراقية والمدنيين عموما هم من مقاتلي منظمة القاعدة التي يقودها اسامة بن لادن.
فقد صرح بعض القادة العسكريين في قوات التحالف بان الاشخاص الذين فجروا مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في اربيل وكذلك التفجيرات الاخرى من الاسكندرية وبغداد والديوانية كلها تحمل بصمات القاعدة، وان الشخص الذي يدير هذه العمليات هو الاردني «ابومصعب الزرقاوي»، الذي تسلل الى الاراضي العراقية منذ وقت سابق على احتلال العراق واقام في منطقة كردستان مع مقاتلي «انصار الاسلام» في تخوم الجبال القريبة من السليمانية.
ولاثبات هذه الادعاء سربت سلطة التحالف وثيقة أدعت ان كاتبها هو ابومصعب الزرقاوي، معنونة إلى قادة كبار في تنظيم القاعدة يطلب فيها مساندة فكرة اثارة الحرب الطائفية في العراق خلال الاشهر المقبلة وقد نشرت هذه الوثيقة فلي صحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية قبل ان يصل تصريح وزير الدفاع الاميركي رامسفيلد إلى العام عبر الاثير والفضائيات التلفزيونية إذ قال بانه لا يعرف محتوى الوثيقة لانها في سياق الترجمة والدراسة حاليا، واذا بصحيفة «نيويورك تايمز» تنشرها كاملة في صباح اليوم التالي بعد تصريح وزير الدفاع.
هذا الأمر يفسره بعض المطلعين على تطورات القضية العراقية بانه يعكس حالة الفوضى بين الاجهزة الامنية والاستخباراتية والعسكرية الاميركية تجاه ما يحدث في العراق، إذ يقوم كل جهاز بتنفيذ الاجندة الخاصة به من دون الاهتمام بما يخطط له الجهاز الاخر، وربما تكون هذه الوثيقة وعملي تسريبها مع صورة لأبي مصعب الزرقاوي في هذه الايام بالذات موضع استغراب شديد بعد ان كف الاعلام العسكري الاميركي من القاء تبعية ما يحدث من تفجيرات على كاهل عزة ابراهيم الدوري والتركيز على القاعدة وابي مصعب الزرقاوي كبديل موهوم للدوري.
وتسعى سلطة الاحتلال الى اقناع العراقيين بان هذه التفجيرات من عمل القاعدة وانها ستشتد في الايام المقبلة وتمضي باتجاه خلف بؤرة صراع بعض السنة والشيعة، إذ سيقوم مقاتلو القاعدة بضرب مواقع وشخصيات شيعية كما يتوقع ذلك في الوثيقة المنشورة، ومن هذا المنطلق خصصت سلطة الاحتلال عشرة ملايين دولا مكافأة لمن يدلي بمعلومات تقود إلى اعتقال الزرقاوي.
بيد ان معظم العراقيين يشككون في ادعاءات سلطة التحالف، إذ ان المواطن العراقي يريد تصديق ذلك من خلال عرض عشرات الاشخاص الذين تقول قوات التحالف إنهم ينتمون الى القاعدة وقاموا بتفجيرات في اماكن مختلفة وقد تم القاء القبض عليهم أثناء المداهمات التي طالت بعض البيوت والاماكن السكنية إذ كان هؤلاء يختبئون في هذه الاماكن وانهم من جنسيات عربية واجنبية مختلفة وقد تسللوا الى العراق عبر حدود الدول المجاورة.
هذا الكلام تبثه وسائل الاعلام التي تديرها سلطة التحالف في العراق منذ الايام الأولى على احتلال العراق والى الآن، ولكن العراقيين يطالبون برؤية هؤلاء الاشخاص على شاشات التلفزيون او الفضائيات المختلفة او عبر وسائل الاعلام الاخرى لتصديق الادعاءات التي تتردد كل ساعة بل وكل دقيقة بان وراء هذه التفجيرات تقف منظمة القاعدة.
بعض الشخصيات العراقية المعروفة تقول بأن ادعاء قوات التحالف بوجود شخص يدعى «ابومصعب الزرقاوي» يقود عمليات المقاومة ضد الوجود الاميركي في العراق هو كذبة كبرى من صناعة اجهزة خاصة. فمثل هذه الشخص لا يستطيع ان يختفي او يقود مثل هذه العمليات التي تتسم بسعتها إذ تشمل معظم مناطق العراق وتنفذ بدقة كبيرة وتحتاج إلى جيش من المقاتلين والموزعين بعناية في مختلف المناطق، واذا استطاعت قوات التحالف من القاء القبض على صدام حسين الذي ربما يمتلك امكانيات اكبر من ابي مصعب الزرقاوي للاختفاء والتنقل ولديه شبكة اوسع بكثير من اي شخص آخر في النظام، فلماذا هي عاجزة عن القاء القبض على شخص اجنبي ولا يملك شروط البقاء طويلا وبعيدا عن اعين الرقباء، بينما تجري عمليات تفجير هائلة ومتعددة في كل ارجاء العراق؟.
وتشير هذه الشخصيات الى ان الذي يحدث هو من فعل المقاومة العراقية، وان من يدعي عكس ذلك يريد تجريد العراقيين من هذا الحق الذي تنص عليه معظم المواثيق والاعراف الدولية
العدد 528 - الأحد 15 فبراير 2004م الموافق 23 ذي الحجة 1424هـ