قبل أسابيع من مثل هذا اليوم، وقبل ثلاث سنوات، كانت وجوه أهل البحرين تتهلل كل صباح وهي خارجة من بيوتها إلى أعمالها ومدارسها وجامعاتها... كانت البشارات أكثر من عظيمة والآمال أعظم منها.
حتى أرتال السيارات المصطفة في الطوابير المثيرة للأعصاب لم تكن - حينها - إلا انتظارا جميلا للآتي... في أحد الطوابير جاورتني سيارة صديق قديم، التفتنا إلى بعضنا بعضا فوجدنا أنفسنا نبتسم من غير مقدمات... كنا نبتسم قبل أن تلتقي عيوننا ولم يكن من أحد يجلس إلى جوارنا... من خلال النوافذ صحت به: «كيف تبدو الأمور؟»، رد مبتهجا، كما لم أره من قبل: «أشعر أن السيارة بالكاد تلامس الأرض... حتى الحديد يشعر معنا بالفرح».
في مثل هذا الوقت قبل ثلاث سنوات عرف الناس إلى من يهتفون وينتمون وأي الشعارات يرفعون وبأي الأعلام يلوحون... فقد كانت البوصلة واضحة لا لبس فيها ولا غبار عليها، انعكس ذلك على معيشتهم، صرنا نتقدم على مستويات متعددة كنا فيها مترددين... صار اسم البحرين لا يرد في وسائل الإعلام إلا وقد ارتبط بالنموذج والتجربة الرائدة، وصارت المعارضة في دول عربية أغنى وأكبر وأكثر عددا تسترشد بالتجربة البحرينية وبالتعاطي معها.
1100 يوم - تقريبا - مرت مرّ السحاب، وقد اكتنزت بالتجارب، حلوها ومرها، وتجاذبت المعارضة والحكومة مواطئ الأقدام، خضنا تجارب جديدة في الانتخابات، سال حبر كثير واكتظت فضاءاتنا بكلام أكثر، وأصبح الجميع يتحدث باسم «المشروع الإصلاحي» مدعيا أنه الأقرب إلى روحه، وأنه المتحدث الرسمي باسمه... وعادت سياراتنا لتلامس الشوارع مرة أخرى
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 528 - الأحد 15 فبراير 2004م الموافق 23 ذي الحجة 1424هـ