يبدو أن بعض التيارات السياسية في البحرين تقرأ الكلام وتفسره من منطلق رؤيا جورج بوش «فمن هو ليس معهم في ممارساتهم وازدواجيتهم وتناقض أقوالهم وادعاءاتهم فهو بالضرورة ضدهم»! واستطيع شخصيا والكثير من الذين مازالت ذاكرتهم حية أو تداركوا بالتدوين تاريخ الحركة الوطنية والنقابية، أن نفهم ونتفهم الأسباب والدوافع والمبررات لهذه المواقف والقراءة الخاطئة للمعطيات وللآراء المطروحة بشأن الكثير من القضايا المفصلية في الشأن الوطني والنقابي من خلال قراءتنا للتاريخ الممتد من منتصف الستينات وحتى الوقت الحاضر. لكن ما ذنب شبابنا ورجالاتنا الذين لم يشهدوا أو يشاركوا في تلك الحقبة؟ ما ذنبهم في أن يتعرض هذا التاريخ ليس فقط للتزوير بل للمغالطات وسيل من الأكاذيب وخلط الأوراق ورسم صورة وردية لتيارهم على حساب كل التيارات الوطنية وكأن لسان حالهم يقول إنهم التيار الصادق المخلص والممثل الوحيد للطبقة العاملة وشعب البحرين، الذي لم ولن يخطئ يوما لا في تحليلاته ولا قراءاته ولا توجهاته فيما يتعلق بالشأن الوطني النقابي والعمالي!
وسؤالنا عن سر ذلك التوافق العجيب بين عودة وتصاعد الحملة ضد الاتحاد العام لنقابات العمال والحملة الموجهة ضد المؤتمر الدستوري وماهية العلاقة بين التوجهات الحكومية للهيمنة على منظمات المجتمع المدني بقصد تهميشها وعلى رأسها النقابات والجمعيات المهنية وتصاعد حملة الكتبة ضد الاتحاد والمؤتمر في بعض الصحف المحلية منذ فترة، فهناك توافق وتناغم عجيب ليس من السهل تفسيره. ولكن دعونا نناقش بعض ما حملته تلك الكتابات لكي تتضح الصورة وتتكامل خلفية الصورة للجميع من خلال النقاط الآتية:
1- في مقالين منفصلين تسائل البعض عن دور الاتحاد في قضية التأمينات الاجتماعية على رغم علمهم بموقف اللجنة العامة ومن ثم الاتحاد العام من تعيينات الحكومة لممثلي العمال في تلك المجالس. بل هم يدركون جيدا أنه في ظل وجود لجنة رسمية منوط بها مهمة التحقيق لا يملك الاتحاد ولا أي طرف آخر الصلاحية ولا القبول لإجراء تحقيق متوازي، ودع عنك اصدار الأحكام والمواقف من دون اثبات أو أدلة! لكن بيت القصيد في هذا السؤال وما دبجه الكتبة في محاولاتهم لتشويه مواقف الفعاليات النقابية العمالية هو عدم تبنيها رسميا للعريضة التي يتم تداولها والمتعلقة بمحاسبة المسئولين والوزراء، وهو مشروع اطلقه تيارهم السياسي في الوقت الذي ينادون ويتصايحون في الدعوة إلى عدم تسييس الحركة النقابية، وهذا يعني ابتعادها عن التبني الموجه للمشروعات التي تطلقها وتوجهها التيارات السياسية! لكن السؤال ماذا عملت النقابات التي يسيطرون على مجالس إداراتها في قضية التأمينات الاجتماعية ولم يفعله الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين لكي تتم مساءلته؟
2- في تصريح صحافي للأخ ابراهيم القصاب قبل انضمامه إلى الأمانة العامة بعد استقالة الأخ خالد العرادي أبدى القصاب استعداده للتعاون والمساهمة في مسيرة الاتحاد المستقبلية، ثم وبحركة بهلوانية خرج علينا بتصريح استقالته المبنية على مخالفة الأمانة العامة للنظام الاساسي باستحداث منصب نائب الأمين العام. وبحسب معلوماتنا فإن القصاب حضر اجتماعا واحدا لن يثر الا في نهايته هذه القضية، وعلى رغم ان بقية أعضاء الامانة طلبوا منه الاحتكام لمحاضر جلسات المؤتمر وشريط الفيديو المسجل كمرجعية لإقرار الوضع أو تصحيحه خرج إلينا بتصريحات صحافية مثيرة عن المخالفات للنظام الاساسي، ليثبت ما قاله نائب الأمين العام عن النية المبيتة للاستقالة في رده المنشور. والسؤال هو متى سيتوقف خلط الأوراق ومتى ستصفى النيات وترك المماحكات السياسية والتفرغ للعمل النقابي السليم؟ لكن إن كان القصاب حريصا إلى تلك الدرجة على الانظمة واللوائح فلماذا قام بتمرير عريضة التأمينات الاجتماعية المذكورة على أعضاء نقابته من دون مناقشتها واقرارها داخل مجلس ادارة نقابة المصرفيين؟ وكيف أعلن استقالته من الامانة العامة من دون نقاشها واقرارها داخل المجلس نفسه؟ وبودي أن يوضح لنا الأخ ابراهيم وكل الذين ادعوا محاربة التسييس في العمل النقابي من الذي قرر ووزع المهمات والمناصب داخل نقابة المصرفيين؟ وألم يبلغ رئيس الجمعية السابق قبل تحولها إلى نقابة بأنه يجب عدم ترشيح نفسه لمنصب رئيس النقابة على رغم كونه ينتمي للجمعية السياسية نفسها لأمن اللجنة العمالية في تلك الجمعية السياسية قد قررت أن يكون الأخ ابراهيم القصاب رئيسا؟ فإن لم يكن ذلك تسييسا، فما هو التسييس؟.
3- لكن الغريب هو ما كتبه زميل سابق أخذته العزة والمكابرة بعيدا فلم يجد ما يرد به على ما طرحناه من آراء وحقائق في المقال الأخير غير التمترس والتستر وراء اسماء الشخصيات الوطنية التي وقعت بيان السبعة ومحاولة الدس بين تلك الرموز والتيارات السياسية الأخرى. أليس عجيبا أن صاحبنا يتمسك بمواقف العناصر الوطنية ذات التاريخ الوطني ويضرب لنا المثل في مواقف الأخوة علي ربيعة وعيسى الجودر وهشام الشهابي متجاهلا أنه اختلف ومازال يختلف مع مواقفهم وتوجهاتهم المتعلقة بالقضية الدستورية...؟
ويبدو أن البعض قد تعود على وجود مراكز توجيه وسيادة يعود اليها، فبعد ان سقطت موسكو في احضان المافيات والولايات المتحدة، اتجه إلى ولاءات ومرجعيات جديدة تعينه على تسيير أموره وتحديد اتجاهه!
عموما الذي نفهمه وفهمه الجميع من بيان السبعة هو أنهم ونحن معهم ضد تسييس الحركة النقابية عمالية كانت أو مهنية، فلا داعي للتمترس خلف البيان ومحاولات تأليب هذه الشخصيات على الآخرين وخصوصا أن الكل غارق في وحل التسييس حتى ركبتيه. ويكفي أن «شهد شاهد من اهلها» حين تم نشر مقال الأخ غازي الحمر الأخير وأشار فيه إلى طبيعة القائمة التي سميت بقائمة النقابيين المستقلين وانتماءاتها
إقرأ أيضا لـ "عبدالمنعـم الشـيراوي"العدد 528 - الأحد 15 فبراير 2004م الموافق 23 ذي الحجة 1424هـ