قدم عضو مجلس الشورى عبدالحسين إبراهيم بوحسين اقتراحا بقانون لإنشاء ديوان للرقابة الإدارية. وعن مرجعيته في تقديم المقترح، قال بوحسين إنه استند الى الفصل الثالث من ميثاق العمل الوطني المتعلق بالأسس الاقتصادية للمجتمع والذي نص على لزوم إنشاء ديوان للرقابة المالية وآخر للرقابة الإدارية.
وأضاف بوحسين أن المقترح بقانون يهدف الى «تطوير الإجراءات والأعمال الإدارية في الجهات الحكومية وتحسين الأداء والانتاج من خلال إجراء الدراسات على أساليب وطرق العمل، وكذلك القيام بمهمة التدقيق والرقابة الإدارية، والتحقق من عدالة تطبيق القوانين فيما يخص المواطنين والموظفين، وكشف الفساد الإداري وتداخل المسئوليات والازدواجية، والمشاركة المستمرة في تحسين أداء الإدارة العامة، والتحقق من صحة الشكاوى المرفوعة على الأجهزة التنفيذية وإعداد التقارير اللازمة بشأنها».
وعن المبررات قال بوحسين: «تعتبر الرقابة الإدارية عملية مهمة في دعم المحاسبة والمساءلة التي تعتبر أساسا للعملية الديمقراطية، كما تعتبر عاملا مساعدا في تطوير التنمية الإدارية في الأجهزة الحكومية. ونظرا الى عدم وجود جهاز يقوم بهذه المهمات التي تعتبر النصف الآخر للرقابة المالية، فإن وضع تشريع للرقابة الإدارية يصبح عملية ملحة في دولة تتطلع الى التطوير الإداري وتحسين وتسهيل إجراءات العمل في الأجهزة الحكومية، وهذا ما نص عليه ميثاق العمل الوطني في الفصل الثالث المتعلق بالأسس الاقتصادية للمجتمع إذ أكد وجوب ان يصاحب الانفتاح الاقتصادي تغيير في تفكير الإدارة العامة نحو تبسيط الإجراءات والشفافية والقضاء على التداخل في المسئوليات وتحسين مستوى الخدمات وان تحكم كل ذلك معايير النزاهة وتكافؤ الفرص. كما أكد انه من أجل تفعيل أدوات المراقبة المالية والإدارية، وزيادة شفافية العمل في جميع إدارات الدولة، يصبح من اللازم إنشاء ديوان للرقابة المالية وآخر للرقابة الإدارية».
من جهة أخرى - قال بوحسين - وزير شئون مجلس الوزراء «عن ترحيبه بايجاد قانون للرقابة الإدارية وذلك في جلسة مجلس الشورى 8 ديسمبر/ كانون الأول 2003 كما أن كثيرا من الدول الأجنبية والعربية تأخذ بنظام الرقابة الإدارية كالمملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية وجمهورية مصر العربية. كما أكد برنامج عمل الحكومة إزالة العوائق البيروقراطية وتشديد الرقابة الإدارية والمالية من خلال تسريع وتحسين الخدمات ورفع وتطوير مستوى ونوعية الأداء الحكومي».
وأشار بوحسين الى أن خدمة وتسهيل إجراءات المواطنين والمستثمرين وحماية حقوق الموظفين والمراجعين تتطلب رقابة على إجراءات العمل»، فمن دون وجود قانون يحمي حقوق الجميع في هذا المجال سيخلق عائقا أمام تحقيق أهداف التنمية التي نتطلع إليها.
من جهة أخرى فإن قرارات وإجراءات السلطة التنفيذية في تطبيق الأنظمة والقوانين الإدارية كثيرا ما تكون محل استفهام من المواطنين إذ تنشر الصحافة كثيرا من هذه الاستفهامات، والتي تتطلب بدورها قانونا مستقلا للتحقيق في أية تجاوزات إدارية. وان وجود قانون للرقابة الإدارية على غرار قانون الرقابة المالية سيكون عاملا يحسب لصالح المشروع الإصلاحي والنهج الديمقراطي في مملكة البحرين، ويعتبر ذلك تفعيلا لمبادئ الدستور وميثاق العمل الوطني».
وتنص المادة الأولى من القانون المقترح على أنه «ينشأ في مملكة البحرين ديوان مستقل يتمتع بالشخصية الاعتبارية يسمى ديوان الرقابة الإدارية ويتبع الملك».
ويهدف الديوان بحسب نص القانون المقترح الى «تحقيق الرقابة على تنفيذ القوانين والقرارات الإدارية العامة وتلك المتعلقة بالأداء العام سواء من خلال الجهات الحكومية او الأفراد في الدولة، ويتحقق من سلامة تنفيذ المهمات والمسئوليات الوظيفية لغرض تطوير الخدمة المقدمة الى الجمهور، ورفع الكفاءة الانتاجية وتبسيط إجراءات العمل وتحقيق العدالة والمساواة في معاملة المستخدمين في الحكومة، وتأكيد مبدأ الشفافية في المعاملات الرسمية، وكشف الفساد الإداري وتداخل المسئوليات والازدواجية والمشاركة المستمرة في تحسين أداء الإدارة العامة من خلال وضع النظم الإدارية الحديثة».
ويكون لرئيس الديوان بحسب القانون «السلطة المخولة لوزير المالية والاقتصاد الوطني وذلك فيما يتعلق بوضع تقديرات نفقات الديوان في الموازنة، وفيما يتعلق باستخدام الاعتمادات المقررة للديوان، ولا يخضع في ذلك لرقابة مجلس الوزراء او وزارة المالية والاقتصاد الوطني او ديوان الخدمة المدنية. وتكون للديوان موازنة مستقلة تدرج رقما واحدا في الموازنة العامة للدولة».
وعن الجهات الخاضعة لرقابة الديوان، ينص القانون على أنه «يمارس الديوان الرقابة الإدارية على الجهات الآتية: 1- الوزارات والمؤسسات الرسمية والهيئات والإدارات الحكومية المستقلة على أن يستثنى من تلك الجهات وزارة الدفاع ووزارة الداخلية والحرس الوطني. 2- الأمانة العامة لمجلسي الشورى والنواب. 3- المحافظات والمجالس البلدية والهيئات المحلية ذات الشخصية الاعتبارية العامة. 4- الشركات التي تمتلك الحكومة غالبية أسهمها او التي تعين الحكومة أجهزتها التنفيذية. 5- الجهات التي تنص قوانينها على خضوعها لرقابة الديوان. 6- أية جهة أخرى يعهد الملك الى الديوان في مراقبتها».
ويقوم الديوان بحسب القانون المقترح في حدود اختصاصاته المنصوص عليها في هذا القانون بما يأتي:
1- التحقق من تنفيذ الجهات الحكومية خططها وبرامجها المختلفة.
2- مراجعة إجراءات وطرق العمل المعمول بها في الجهات الحكومية والتأكد من كفاءتها والكشف عن المعوقات الإدارية فيها، واقتراح الأساليب البديلة المناسبة.
3- متابعة تنفيذ الجهات الحكومية الخطط والبرامج الموضوعة لتأهيل الموظفين العاملين فيها وتدريبهم.
4- مراجعة اللوائح والأنظمة الإدارية وأساليب تنفيذها للتأكد من تناسق التطبيق مع نصوص الدستور والقوانين الصادرة بهذا الشأن.
5- دراسة أية قضية او حال او تقرير يحال إليه من الجهات الحكومية او من مجلسي الشورى والنواب مما يدخل في نطاق مهماته وصلاحياته.
6- وضع الأهداف والخطط الرامية الى تفعيل الرقابة الإدارية بما يحقق ضمان سلامة الأداء في الجهاز الحكومي.
7- التحقق من الاستغلال الأمثل لمرافق الدولة والموارد المتاحة.
8- التحقق من التزام القيادات الإدارية والموظفين بقيم وأخلاقيات وسلوك العمل بما يحقق الكفاءة الانتاجية لإدارة العمليات في الأجهزة التنفيذية.
9- التحقق من صحة الشكاوى المرفوعة على الأجهزة التنفيذية وإعداد التقارير اللازمة بشأنها.
10- التحقق من الانحرافات والتجاوزات والخروقات للقوانين والأنظمة في الأجهزة التنفيذية.
11- التحقق من قضايا الفساد والرشاوى التي قد يتقاضاها الموظف العام أثناء تأديته واجباته الوظيفية.
12- التحقق من قضايا تعارض المصالح العامة والخاصة التي تثار حول الموظف العام أثناء تأديته واجباته الوظيفية.
13- ابداء وجهات النظر بشأن التشريعات الإدارية التي تنظم عمل السلطة التنفيذية وتقديم الملاحظات الى الجهات المختصة عن مدى ملاءمتها لمواكبة التطورات الحديثة للنهوض بمستوى الأداء في الجهاز الحكومي.
14- متابعة القضايا الرئيسية التي تنشرها أجهزة الإعلام والصحافة بشأن أية ممارسات خاطئة في الأجهزة التنفيذية بالتنسيق مع الأجهزة ذات العلاقة بالموضوع.
15- دراسة الازدواجية والتداخلات في المهمات الوظيفية بين الجهات الحكومية وتقديم الاقتراحات والتوصيات لإزالتها او تلافيها.
16- التحقق من صحة الإجراءات التي تتخذها الجهة الحكومية ضد منتسبيها والتأكد من تطابقها مع الأحكام ذات العلاقة المنصوص عليها في الدستور ومع قانون وأنظمة ولوائح الخدمة المدنية.
وعن سبب تبعية ديوان الرقابة الإدارية الى جلالة الملك قال بوحسين:
أولا: إن ارتباط الديوان بجلالة الملك يمنحه درجة كبيرة من الاستقلالية والحياد ويبعده عن التجاذبات السياسية. فجلالة الملك بصفته راعي الإصلاح وحامي الدستور هو فوق كل الاعتبارات السياسية التي لا تتناسب ورسالة ديوان الرقابة باعتباره جهة فنية مستقلة مهمته تطوير نظم الإدارة الحكومية وتمكينها من تقديم خدمات إدارية متميزة وتحصين ذاتها من أية محاولات سوء استغلال الصلاحيات والمسئوليات، واعتماد أسلوب المساءلة والمحاسبة والرقابة الداخلية والخارجية منعا للممارسات الإدارية الضارة.
ثانيا: بارتباط ديوان الرقابة بالديوان الملكي يستطيع ان يلعب دورا رقابيا وآخر استشاريا بتقديم الأفكار والآراء الى جلالة الملك ومجلس الوزراء والسلطة التشريعية التي يمكن الاستفادة منها في صوغ التوجهات المستقبلية للإدارة الحكومية على ضوء سياسة التنمية الاقتصادية المرغوبة. ومع ارتباطه بالديوان الملكي يرفع الديوان تقاريره أيضا الى السلطة التشريعية التي تتيح لها هذه التقارير تطوير برنامج عملها الرقابي على السلطة التنفيذية. كما تتمكن السلطة التنفيذية التي يرفع الديوان ايضا تقاريره إليها من بلورة برامجها المستقبلية للارتقاء بالإدارة الحكومية. وبهذه الطريقة يلعب الديوان دورا تنمويا وآخر رقابيا في تطوير مفهوم الرقابة الذاتية وتحقيق التوازن، إذ تقوم السلطات المعنية بدور رقابي على بعضها بعضا. وهذا التوازن الرقابي بين السلطات لا يمكن تحقيقه من خلال ربط الديوان تنظيميا باحدى السلطات إذ سيفقد الديوان في هذه الحال استقلاليته ومن ثم حياده، إضافة الى ذلك فرئيس الديوان يمثل أمام مجلس النواب الذي له سلطة استدعائه لتقديم تقاريره أمام المجلس. وبهذه الطريقة تكون لمجلس النواب سلطة رقابية على أعمال الديوان، ويتحرر المجلس في الوقت ذاته من مسئولية تقديم الاعذار الى الديوان لو تلكأ في القيام بالمسئوليات المناطة به او توفير أي نوع من الحماية له في حال التقصير في الأداء، وذلك على عكس ما لو كان ديوان الرقابة جهازا ضمن عائلة السلطة التشريعية. فالمجلس النيابي سيستفيد من المعلومات التي توفرها له تقارير الديوان، ويمارس في الوقت ذاته رقابة على أدائه من دون حرج او عراقيل، وباستقلالية تامة ومن دون مؤثرات سياسية من داخل المجلس او خارجه كما يمارس ديوان الرقابة رقابته الإدارية على الأمانة العامة لمجلسي الشورى والنواب، وعند ارتباطه بأحدهما يفقد حياده واستقلاليته. لهذه الأسباب جميعها رأينا ان المصلحة العامة تحتم استقلالية ديوان الرقابة ليلعب دورا شاملا في التنمية والرقابة الإدارية على حد سواء وتوفير نطاق أوسع له ليتمكن من لعب دور مؤثر في التنمية والإصلاح الإداري في المملكة.
وردا على سؤال عن أسباب استثناء وزارتي الداخلية والدفاع من رقابة الديوان، قال بوحسين: «وزارة الداخلية ووزارة الدفاع والحرس الوطني لها أنظمتها العسكرية الخاصة بها. فهذه الأجهزة غير خاضعة لأنظمة الخدمة المدنية لطبيعة أعمالها ووظائفها، إلا انه لا يوجد ما يمنع الديوان من ممارسته صلاحياته الرقابية عندما يوكل له ذلك من قبل الجهات المعنية كما نصت على ذلك المادة رقم (9) من القانون المقترح. فعندما تكون هناك قضايا تهم الوطن والمواطن او ممارسات غير دستورية وتخالف قوانين مملكة البحرين فإن معالجتها والنظر في أمر تصحيحها يتطلبان دراستها وتقديم التوصيات، والتحقق من عدم ممارستها. وفي مثل هذه الحال لا يكون أي جهاز حكومي يعفى من تطبيق أحكام القانون. فأجهزة التدقيق والرقابة انما وجدت للتأكد من احترام القانون من قبل جميع الأجهزة التنفيذية. من هذا المنطلق فإن استثناء الوزارات التي تتبع أنظمة غير مدنية لا يعني استثناؤها من تطبيق ما نص عليه دستور المملكة بالنسبة الى حقوق المنتسبين إليها وحقوق سائر المواطنين»
العدد 528 - الأحد 15 فبراير 2004م الموافق 23 ذي الحجة 1424هـ