الوصفة السريعة لصناعة الأبطال واختراع البطولات تقتضي أن تمارس كل أنواع الضغط على من تريد أن تصنع منه بطلا، وأن تحاصره وتمنعه من إبداء رأيه، أو الحوار معه، وتغلق عليه منافذ الإعلام داخليا وخارجيا، وتتظاهر بأنه غير موجود وغير مؤثر، وأن «لسعته» ما هي إلا «دغدغة»، وأن حركته فوضى، وأن كلامه لغو، وأن تصريحاته تحريض.
لكي تصنع بطلا عليك أن تدعه ينفق وقته وماله وجهده في سبيل ما يود الوصول إليه، وتبقى ساكتا، حتى إذا ما أتى بالمقص ليقص شريط افتتاح مشروعه، أو للبدء فيه، عليك ساعتها - وساعتها فقط - ان تقول له: إن عدة أوراق وتصريحات تنقصه للمضي قدما فيما هو ماض فيه، بما يشي أنك تتعمد أن تهدر كل طاقاته حتى يصل إلى الاستنفاد ومن بعدها تكسر مجاديفه بضربة «معلم»، يده قوية، وصوته عال، ومفعوله سريع ولا شك. إذا أردت أن تصنع بطلا، أخرج القانون حينما تشاء وتغاضى عنه حينما تشاء، حتى يقول «البطل المستهدف» إنك تكيل بمكيالين، وحتى تمتلئ الوسائط الإعلامية التي تجاوز الصحف والمحطات المرئية والمسموعة سرعة وانتشارا، - وللأسف - تصديقا بين جموع المتلقين الذين ملوا صناعة الأبطال طوال هذه السنين. إذ أردت أن تصنع من أي حدث - أيا كان حجمه - بطولة كبيرة، عليك باختيار أبعد مدى يمكن أن تصل إليه رسالتك حتى تتحقق النتائج الجيدة على أفضل حال، وذلك كأن يكون من ضمن الأبطال ضيوف من الخارج، وأناس مؤثرون ولهم كلماتهم وأقلامهم ومواقفهم التي جعلت منهم «أبطالا» أساسا في دولهم بسبب الخطوات السالفة الذكر نفسها.
هذه أجهزة تتناسخ من بعضها، وتتكرر في كل مكان، فما أكثر البطولات والأبطال، أو كما قا لجمال الخياط ذات قصة: معاول... والجدار قشرة بيضة
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 526 - الجمعة 13 فبراير 2004م الموافق 21 ذي الحجة 1424هـ