العدد 526 - الجمعة 13 فبراير 2004م الموافق 21 ذي الحجة 1424هـ

أين المشاركة الشعبية في مقترح الإسكان لتنفيذ مكرمة البيوت الآيلة للسقوط؟!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

إن الشكر بعد الله لجلالة الملك المفدى على تفضله بهذه المكرمة السخية للمحتاجين من أصحاب البيوت الآيلة للسقوط.. وسنستعرض عملية إدارة المشروع كما اقترحته وزارة الأشغال والإسكان ورفضه (معنا) جلالة الملك حفظه الله بقوله: «ماذا تبقى للمجالس من دور يقومون به»؟!

في البداية... لابد من شرح موجز للكنه والغاية من المجالس البلدية التي تنتخب من قبل مجموعة من الأفراد القاطنين في المنطقة لاختيار من يمثلهم أمام الجهات الرسمية ويتخاطب باسمهم... وكأبناء للمنطقه فإنهم يديرون المنطقة بمساعدته كممثل وكصوت يعبر عن أهل منطقته ويعبر عن إرادتهم... وجاء المشرع البحريني ونص في مقدمة قانون البلديات على الآتي: (...تقوم فلسفة هذا القانون على اعتبار أن المجالس البلدية مؤسسات شعبية لصنع القرار الإداري، كما ترتكز على منح هذه المجالس الاستقلالية، وتأكيد ضمانات العدالة في توزيع الخدمات البلدية على كافة المناطق البلدية) وأيضا (... حدد المشرع اختصاصات المجالس البلدية والتي تتمحور حول فلسفة واحدة قوامها الاعتراف من المشرع بنظام الحكم المحلي أو اللامركزية الإدارية).

وجاء من الحكومة مؤخرا ما يؤكد صحة ما ذهبنا إليه مرارا في ردودنا على وزارة البلديات والزراعة وباقي الوزارات والأجهزة المختلفة في الدولة... حينما اعتبرت الحكومة في تفسيرها للمادة (50) من الدستور، وعلى ضوء قضيتي التأمينات والتقاعد، بأن الإشراف إنما يعني «الإشراف من بعيد... وليس التدخل في قرارات مجلسي إدارتي التأمينات وصندوق التقاعد» وإعطاء مجلسي الإدارة في الهيئتين الاستقلالية بعيدا عن (وصاية) الحكومة، وفي ذلك تعزيز لما ذهبنا إليه من أن رقابة الوزير لا تتعدى الإشراف فقط...وليس التدخل في عمل البلديات وسحب الاختصاصات.

والآن جاءت المعركة الأخرى لتأكيد الذات البلدية... وهي معركة البيوت الآيلة للسقوط..ولكن هذه المرة مع وزارة الأشغال والإسكان.. وفي الحقيقة لا نعلم إذا كان جلالة الملك المفدى، صاحب المشروع، رفض العرض المقدم من الوزارة فلماذا يعاد طرحه مرة أخرى على رؤساء وأعضاء المجالس البلدية!؟ أليست توجيهات وأوامر جلالة الملك ملزمة للوزراء؟ أليس جلالته يمارس سلطاته بواسطة وزرائه؟ أليس يُسأل الوزير أمام جلالة الملك عن أعمال وزارته؟ فإذا كان كذلك فلماذا لا تمتثل وزارة الإسكان لرغبات جلالته في إعطاء دور رئيسي للمجالس البلدية في مشروع المكرمة الملكية للبيوت الآيلة للسقوط.. وتحديد دور وزارة الإسكان في (الدعم الفني) كما أراد جلالته!؟

وقبل أن نلقي نظرة على المبادئ الرئيسية للبرنامج، الذي تم عرضه من قبل وزارة الأشغال والإسكان، نود أن نستوضح بعض الأمور عن ماهية هذه اللجنة التي أشير إليها باسم (لجنة تأهيل المساكن القديمة والبيوت الآيلة للسقوط) والتي لنا ملاحظات بشأنها هي كالآتي:

أولا: مقترح اللجنة الوطنية تم رفضه من صاحب المشروع جلالة الملك، فلماذا يعاد طرحه تحت إسم جديد؟!

ثانيا: مع احترامنا وتقديرنا التام لشخص الوكيل المساعد للإسكان، ذي المكانة المعروفة بين رؤساء وأعضاء المجالس البلدية والمواطنين عامة، إلا أنه من غير المقبول أن يكون وزير الأشغال والإسكان عضوا (بنفس المرتبة مع رؤساء المجالس البلدية) في لجنة الإعمار والإسكان، ثم يجعلهم بعد ذلك تحت رئاسة وكيل الوزارة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى اجتمع الملك مع الرؤساء بمعية وزير الأشغال والإسكان، ويؤكد جلالته بأن العضو في دائرته أهم ومقدم على العضو في المجلس النيابي وعلى أي مسئول آخر وذلك في إدارة شئون منطقته... فهل الوزير أو وكيل الوزارة يأخذ تلك الأهمية ليكون رئيسا للجنة المذكورة سابقا!؟ عليكم بالجواب يا وزارة الأشغال والإسكان... ومن الناحية البروتوكولية يكون الطرفان (الوزير ورؤساء المجالس البلدية المنتخبون من قبل الشعب متساوين).

ثالثا: إن تشكيل لجنة تأهيل المساكن القديمة والبيوت الآيلة للسقوط هو مخالف للدستور والقانون، وذلك بناءا على:

(أ) المخالفة الدستورية: نص المشرع في دستور 2002م البحريني في المادة (50) الفقرة (أ) «ينظم القانون المؤسسات العامة وهيئات الإدارة البلدية بما يكفل لها (الاستقلال) في ظل توجيه الدولة ورقابتها، وبما يكفل لهيئات الإدارة البلدية (إدارة) المرافق ذات الطابع المحلي التي تدخل في (نطاقها) و(الرقابة) عليها». فماذا تعني الكلمات الواردة في تلك الفقرة (الاستقلال، إدارة، نطاقها والرقابة عليها) فكلمة (الاستقلال) تعني استقلالية القرار الإداري وتعني اللامركزية الإدارية، وليس إيجاد لجنة مركزية تحت مسمى «وطنية» أو غيرها من مسميات! وبما أن جلالة الملك المفدى منح المجالس البلدية الدور الرئيسي في المشروع فهو بذلك مشروع البلديات الذي يجب أن تديره، وهو بطبيعة الحال يدخل في نطاق اختصاصها... والرقابة على المشروع واجب مناط بالبلدية القيام به.

(ب) المخالفة القانونية: وتشكيل اللجنة (ينسف) أحد أهم مرتكزات العمل البلدي بمخالفته لنص قانون البلديات رقم (35) لسنة 2001م وتحديدا في المواد الآتية:

(1) المادة (2) والتي نصت على: «تكون للبلدية شخصية اعتبارية، وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري» وبإدراج المجالس في تلك اللجنة كأعضاء يسلب منهم الاستقلال الإداري.

(2) المادة (3) «تتولى البلديات إدارة المرافق العامة ذات الطابع المحلي التي تدخل في نطاق اختصاصها، وذلك على الوجه المبين في هذا القانون ولائحته التنفيذية» ودخولهم في تلك اللجنة كما هو مبين في مقترحها وبنائها الهيكلي التنظيمي، يجعل منهم غير قادرين على الفعل الحقيقي وذلك ما سنوضحه لاحقا.

(3) المادة (4) « يتولى السلطات في كل بلدية:

1- المجلس البلدي ويمارس سلطة إصدار القرارات واللوائح والأوامر ومراقبة كل ذلك في حدود اختصاصات المجلس البلدي.

2- الجهاز التنفيذي ويمارس سلطة التنفيذ.

هل يحق للمجالس بعد الدخول في مثل تلك اللجنة وبمثل هذا التصور الذي وضعته الوزارة، أن تمارس سلطة إصدار القرارات واللوائح والأوامر ومراقبة كل ذلك...؟!

وعلى أية حال، فإن من يقول إن المشروع جاء من خارج قانون البلديات رقم (35) لسنة 2001م، فنقول: إن القانون ذاته حدد ما لم يرد فيه نص، إذ نصت الفقرة (ذ) من المادة (19) على: «القيام بأي عمل آخر يقتضيه تنفيذ أحكام هذا القانون أو أي تشريع آخر معمول به« وإذا ما اعتبرنا أن المكرمة جاءت من خارج القانون وتأخذ صفة «مشروع» كما أطلق عليها فهي تعتبر «عمل آخر» للمجالس البلدية، وبذلك لا حجة لمن يقول بأن المكرمة خارج القانون ولا ينطبق عليها قانون البلديات، والنصوص في إدارة المشروعات كثيرة ومتعددة.

بعد ذلك ننتقل إلى المبادئ الرئيسية للبرنامج الذي تم عرضه من قبل وزارة الأشغال والإسكان، وسنتناول بنوده والتعليق عليها تباعا:

أولا: «تبني آلية فعالة لتحقيق النتائج بالسرعة الممكنة».. لا يختلف اثنان على وجوب تبني آلية فعالة لتحقيق النتائج، وفي نفس الوقت لم تأخذ الوزارة في هذا الجانب بالخطط المستقبلية لإعادة تخطيط الهيكلة العمرانية، إذ لم تطرح على المجالس تلك المخططات المستقبلية ليتم من خلالها تقديم القوائم العاجلة، وذلك لتفادي الهدر في المال العام، إذ إن هدم وبناء مسكن قد يكون مكانه مشروع مستقبلي هو إنفاق مال عام في غير مكانه، لذا يجب الأخذ في الاعتبار تلك الملاحظة، وذلك لا يعني عدم هدم المساكن الآيلة للسقوط بل هدمها وتوفير السكن اللائق لأصحابها ولكن عدم إعادة بنائها لوجود خطة لعمل مشروع معين في موقع هذا المسكن أو ذاك. وعلى ذلك يحتاج هذا العمل لوقت... إذ إن توضيح خطط الوزارات المستقبلية (كبناء المدارس والمراكز الصحية وخدمات الدفاع المدني وغيرها من خدمات) واستعراضها ودراستها، ومن ثم الاتفاق مع تلك الوزارات، كل ذلك يحتاج إلى وقت كاف للقيام بهذا المشروع بشكل مخطط وسليم ومستقبلي، وليس بشكل متخبط وترقيعي.

ثانيا: توزيع مسئوليات التنفيذ على جميع الجهات ذات العلاقة (مثل وزارة شئون البلديات والزراعة والمجالس البلدية). كما صرح جلالة الملك حفظه الله بأن دور وزارة الأشغال والإسكان هو الدعم الفني؛ ولكن الحكومة ممثلة في وزارة الإسكان قلبت المعادلة رأسا على عقب! وإذا بها تقوم (بتوزيع المسئوليات) والأدوار وتستفرد برئاسة اللجنة والهيمنة عليها، وحتى لا نقع في بعض (الالتباسات) نشير إلى المادة (27) من قانون البلديات التي تنص على:« للمجلس أن يشكل من بين أعضائه لجانا لبحث مسألة فنية أو أكثر من المسائل التي تُعرض عليه، ولهذه اللجان أن تطلب ضم أو استدعاء من ترى لزوم ضمه أو استدعائه من موظفي الجهات الحكومية أو من غيرهم من الخبراء وذوي الاختصاص لتقديم المعلومات أو إبداء الآراء الفنية. ويجوز تكليف من يضم إلى هذه اللجان من الخبراء وذوي الاختصاص بتقديم دراسات معينة أو تقارير فنية بشأن الموضوع محل البحث. ويدون بمحضر اجتماعات اللجان كل ما يدور فيها من مناقشات، وتكون جلساتها سرية. وترفع اللجنة تقريرا بنتيجة أعمالها إلى المجلس لاتخاذ ما يراه.

فيا مجالس بلدية... تقدموا بحسب القانون لوزارة الأشغال والإسكان ووزارة البلديات والزراعة، واطلبوا ما تريدونه للجان مجالسكم وعلى الأخص للجنة مشروع المكرمة الملكية، ولحسن إدارة المرافق العامة ذات الطابع المحلي، ولتيسير مصالح المواطنين، هذا هو القانون!

ثالثا: تكون وزارة الأشغال والإسكان الجهة الرئيسية لتولي إدارة البرنامج والنواحي الفنية. وفي ذلك عودة إلى مسلسل التهميش الإداري الحكومي الممارَس ضد المجالس البلدية المنتخبة والتي تمثل الشعب، على عكس رغبة وإرادة جلالة الملك المفدى في أن يكون للمجالس دور رئيسي في المكرمة... ولا نعلم هل يعتبر وجود رؤساء المجالس البلدية دورا رئيسيا في لجنة تتكون من رئاسة الوكيل المساعد وعضوية ممثلين - غير محدودي العدد، ولا نعلم هل أصواتهم معدودة أم لا؟ - عن وزارة البلديات والزراعة ووزارة الأشغال والإسكان، فمن تبقى من الوزارات والإدارات الحكومية لم يدخل في تلك اللجنة، فلماذا لا تضاف وزارة الكهرباء لأن لها علاقة؟ ولماذا لا تضاف إدارة السجل العقاري؟ ولماذا لا تضاف وزارة المالية ووزارة الداخلية ممثلة في الدفاع المدني؟؟ والمجلس الأعلى للمناقصات و... و... غيرها من إدارات لكي (تضيع الطاسه) ولا يعد لوجود رؤساء المجالس البلدية أي أثر أو دور في اللجنة!!

رابعا: تكون المجالس البلدية ووزارة شئون البلديات والزراعة الجهة الرئيسية لتولي النواحي المتعلقة باختيار الأسر المستفيدة وإجراء المسوحات. هذا البند ينقضه من أساسه ما تم إدراجه في شكل هيكل (عناصر التنفيذ) كما جاء في المقترح، وللموضوع عنصران الأول شكلي: إذ كان من المفترض أن تكون المجالس البلدية هي من يرفع «تقرير الإنجاز» لجلالة الملك المفدى وليس وزير الأشغال والإسكان، والذي أصلا هو غير متفرغ لرئاسة اللجنة، ولكنه سيتفرغ لشرف رفع «تقرير الإنجاز» نيابة عن المجالس البلدية!! والعنصر الثاني جوهري: فإنه قد تم (سحب) الدور الأساسي والرئيسي للمجالس البلدية.

إذ إنه وكما هو مقترح، فإن اللجنة المقترحة والتي هي برئاسة الوكيل المساعد للإسكان وعضوية كل من الرؤساء الخمسة للمجالس البلدية وممثلين عن وزارة البلديات والزراعة ووزارة الأشغال والإسكان، ترفع تقارير الإنجاز إلى وزير الأشغال والإسكان، وتعمل على ضوء توجيه فريق تأهيل المساكن بناءا على تعليمات وتوجيهات وزير الأشغال والإسكان ثم تقوم تلك اللجنة التي يرأسها الوكيل المساعد بمراجعة قائمة المستفيدين المحولة من المجالس البلدية! يا جماعة وكأننا نلعب (خشيشة).. قولوا للمجالس إن دوركم استشاري وخلصوا المسألة، لف ودوران واجتماعات وخسارة ورق وحبر وتأجير قاعة فندق، وغداء فاخر، وتأخير مصالح المواطنين، ومضيعة وقت لآخرين... كل ذلك لنخرج بأن دور المجالس البلدية بحسب مقترح الإسكان استشاري أو بمثابة بوابة إذ يختفي دور وزارة الإسكان خلف الباب لتقول للمواطنين إن الذي (قصّر) في حقكم هم المجالس البلدية ، وتقول وزارة الأشغال والإسكان للمجالس البلدية عليكم السلام فقط! وذلك مخالف للرغبة الملكية والإرادة السامية لجلالة الملك، وجميع خطاباته السابقة... ومخالف للدستور والقانون والأعراف الدولية فيما يخص دور المجالس البلدية الشعبية المنتخبة. والسؤال الذي يطرح نفسه بين ثنايا ذلك المقترح المقدم من قبل وزارة الأشغال والإسكان هو: أين المشاركة الشعبية في هذا الاقتراح؟ أليست المشاركة الشعبية الركيزة الأساسية للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك، والتي يؤكد عليها في جميع خطاباته؟.

وللحديث بقية عن المهمات الجليلة والعظيمة التي تنتظر المجالس البلدية، والذي قام بإعداد سيناريوهاتها فريق من وزارة الأشغال والإسكان... وللحديث صلة

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 526 - الجمعة 13 فبراير 2004م الموافق 21 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً