العدد 526 - الجمعة 13 فبراير 2004م الموافق 21 ذي الحجة 1424هـ

التكامل الاقتصادي الخليجي... صعب المنال

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

أزعم أن التكامل الاقتصادي الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي ربما يكون هدفا غير قابل للتحقيق. ويعود ذلك إلى سبب جوهري وهو أن اقتصادات الدول الست متنافسة بدلا من أن تكون مكملة لبعضها بعضا. إذ تركز جميعها على إنتاج النفط ولديها صناعات بتروكيماوية مصممة لأغراض التصدير.

وعلى النقيض من ذلك، فإن اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي (خمس عشرة دولة قبل التوسع في وقت لاحق من العام الجاري) مكملة بشكل كبير في طبيعتها. على سبيل المثال، ألمانيا مشهورة بتصنيع السلع المعمرة مثل السيارات والمعدات بينما إسبانيا لديها ميزة في المنتجات الزراعية. أيضا تفرض بريطانيا نفسها كمركز للخدمات المالية بينما تعتبر فرنسا نقطة تجميع لطائرات الأيرباص.

وخير دليل على ما أدعيه هو تدني حجم التجارة البينية بين دول مجلس التعاون. تبلغ نسبة التصدير والاستيراد بين دول التعاون سبعة في المئة فقط من إجمالي تجارتها مع العالم. في المقابل تبلغ نسبة التجارة البينية بين دول الاتحاد الأوروبي تقريبا نصف تجارتها مع دول العالم وطبعا النسبة مرشحة للتصاعد بعد انضمام عشر دول أخرى للاتحاد.

في الحقيقة تعتبر صفقة تصدير الغاز القطري لدولة الإمارات استثناء وليست قاعدة في التعاون الاقتصادي الخليجي. يذكر أن الإمارات قررت استيراد الغاز من قطر لمدة 25 عاما ابتداء من العام 2006. وقد استغرقت المحادثات عدة سنوات حتى نجح الطرفان في الوصول إلى اتفاق من أجل تزويد حوالي بليونين قدم مكعب يوميا من الغاز عبر خط الأنابيب. في المقابل هناك اتهامات لإحدى الدول بعرقلة مقترح مد أنبوب لتصدير الغاز لدولة خليجية أخرى.

بحسب بعض التقارير الصحافية فإن قرار مجلس التعاون تأسيس اتحاد جمركي (بمعنى سياسة تجارية خارجية موحدة في التعامل مع الدول الأخرى وفرض نسبة محددة لرسوم الجمارك على الواردات) يعود بالدرجة الأولى إلى رغبة الدول الست في التوصل إلى معاهدة تجارية تفضيلية مع الاتحاد الأوروبي. وقد اشترط الاتحاد الأوروبي بدء اتحاد جمركي خليجي قبل التوقيع على اتفاق تجارة حرة. وقد أصبح تجمع مجلس التعاون اتحادا جمركيا ابتداء من بداية العام 2003. إلا أنه حتى هذه اللحظة لم تتفق دول التعاون على صيغة مشتركة لتقاسم عائدات الجمارك فيما بينها.

ويدور كلام عن وجود عقبات تعترض طريق تبادل السلع بين دول المجلس إذ إن إجراءات الحدود تختلف من دولة لأخرى. وهناك شبه اتفاق على تفشي ظاهرة الإغراق إذ تقوم بعض الشركات الخليجية باستغلال ميزة التجارة الحرة ببيع سلعها في الدول الأخرى بسعر أقل من بلد المنشأ لأغراض مختلفة منها العمل على إخراج المنافسين من السوق. ونظرا إلى أهمية المسألة أقر زعماء مجلس التعاون في قمتهم الأخيرة في الكويت إجراءات عقابية ضد الشركات التي تمارس سياسة الإغراق.

ويمثل مقترح اتفاق التجارة الحرة بين أميركا والبحرين تحديا لمبدأ الاتحاد الجمركي الخليجي لأن بموجب بنود المعاهدة فإن المطلوب من الحكومة البحرينية رفع جميع أشكال الرسوم والقيود عن السلع والخدمات القادمة من أميركا. ينصب الاتفاق في مصلحة البحرين إذ ربما يؤدي إلى جلب الاستثمارات من أميركا وفتح المجال أمام السلع والخدمات البحرينية للدخول للسوق الأميركية من دون قيود. وتعتبر أميركا أكبر سوق في العالم إذ في العام 2002 أكثر من 1,100 مليار دولار.

ليس هناك من شك من وجود النوايا الحسنة لقادة دول مجلس التعاون لكن في نهاية المطاف علينا أن نكون واقعيين وليس مثاليين إذ إن التحديات الاقتصادية التي تواجه البحرين مثل ظاهرة البطالة تختلف عن المشكلات الاقتصادية للدول الأخرى الأعضاء في المنظومة الخليجية

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 526 - الجمعة 13 فبراير 2004م الموافق 21 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً