العدد 525 - الخميس 12 فبراير 2004م الموافق 20 ذي الحجة 1424هـ

اضطهاد فرنسي

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

عندما يأتي الحديث عن اشكال الاضطهاد في أوساط شعوب العالم فإنها قد تطرح حسب ظروف كل مجتمع. بمعنى آخر ان هناك انواعا من الاضطهاد السياسي والديني والعرقي والجندري «اضطهاد المرأة لانها امرأة او الرجل لأنه رجل» في مختلف الثقافات. وبناء على ذلك تتنامى مثل هذه المفاهيم بين الافراد لتتحول الى اداة من ادوات العنصرية تستخدم ضد الفئات المستضعفة او الخاضعة لقوانين الفئات القوية المتمثلة في هيمنتها على صنع القرار ايا كان. نجد ان ما طرح من جدل في الساحة الفرنسية والعربية عن مشروع إلغاء الرموز الدينية المختلفة في المدارس والجامعات والمؤسسات الاخرى داخل فرنسا ما هو الا بداية لإقرار «الاضطهاد الديني» بين الفئات التي تحرص على ارتداء رموزها الدينية كلا حسب مفاهيمه ومعتقداته التي يؤمن بها من منطلقات متعددة. فبعد التصويت على هذا القرار «قبل ثلاثة ايام « من قبل البرلمان الفرنسي الذي رأى ان هذه الرموز تعارض مبادئ دولته العلمانية... أطلقت في الوقت نفسه دعوات وفتاوى داخل فرنسا تحث مسلمي فرنسا ذوي الاصول العربية وتحديدا من شمال افريقيا على الهجرة العكسية أي «العودة إلى ديار الوطن الأم». مثل هذه الدعوات التي أطلقتها بعض الجماعات المتشددة من مهاجري شمال افريقيا هي في واقع الامر دعوات غير واقعية. فما عبرت عنه مجموعة من المسلمات الفرنسيات ممن يرتدين الحجاب وممن يرجعن الى الجيل الثالث والرابع من مسلمي فرنسا الى بعض الفضائيات العربية هو ان «ذلك ليس بالشيء المنطقي». فهن يعتبرن أنفسهن مواطنات فرنسيات ولا يتحدثن العربية بل يعتبرن لغة الام هي الفرنسية وحتى ثقافتهن فرنسية وهو جزء من هويتهن بينما ما يخص معتقداتهم الدينية فقد أوضحن أن ذلك يرجع للحرية والقناعات الشخصية. هكذا كان مثلا رد الطالبة الجامعية مليكة طه التي تدرس علم اللغات المرتدية للحجاب والبنطلون والقميص المواكب للتصاميم الفرنسية الغربية. بينما ذكرت إحداهن أن إقرار المشروع سيفرض عليهن ظروفا جديدة حتى يتم التكيف معها لتتناسب مع حالتهن أو البحث عن حلول شرعية واما فانهن لا يريدن ان يحرمن من التعليم ولا حتى من حقوق المواطنة الفرنسية فهن جزء من المجتمع الفرنسي... ولدن وترعرعن وتعلمن... الخ. هذا بعض من النماذج التي قالت رأيها بصراحة لهذا المشروع وحتى المجلس الاسلامي الفرنسي عارض هذا المشروع لكنه أعلن رسميا انه يقبله لانه أصبح واقعا لا مجال لتغييره في الوقت الجاري. لكن ماذا بعد التصويت، فهل ترى انتهى الجدل؟ ربما شعوب المشرق والمغرب العربي ستبقى تناقش ذلك حتى وان كان القرار لم يفرض على اراضيها لفترة حتى يطوى هذا الملف مع الايام... وما دعا اليه المرجع الديني محمد حسين فضل الله بالامس من عدم مواجهة القرار بالعنف بل بالحوار هو عين العقل... فالحجة الفرنسية لن تفيدها المظاهرات ولا العرائض الموقعة بل سيزيدها قوة في موقفها ويعزز في الوقت ذاته موقف اليمين المتطرف داخل فرنسا الذي قد ينقل عدواه الى باقي المجتمعات الاوروبية التي قد تتفشى فيها مشكلات جديدة لا تطرأ على البال...! وان استمر هذا الحال لربما يتشدد الجانبان وتكون الخسارة الكبرى من نصيب الفرنسيات المسلمات ذوات الاصول العربية خصوصا حرمن من التعليم الذي حصدته بعد نضال طويل حتى تكتسب هذا الح

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 525 - الخميس 12 فبراير 2004م الموافق 20 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً