العدد 524 - الأربعاء 11 فبراير 2004م الموافق 19 ذي الحجة 1424هـ

الدراما الموجهة للطفل... بين أزمة النص وأزمة الانتاج

تعتبره ثقافة الطفل على قدر كبير من الأهمية تتطلب جهدا وتفهما شديدا لما ينبغي أن يقدم للطفل خلال الروافد الثقافية المتعددة والمتنوعة «مقروءة، مسموعة، مرئية» والتي ينبغي أن تلبي احتياجاته في شتى النواحي المعرفية وفي مراحل نموه المختلفة.

وتعتبر وسائل الاعلام المسموعة، المرئية أحد أخطر هذه الروافد الثقافية خاصة الأخيرة والتي تمد الطفل بما يحتاجه من برامج متنوعة، التي تلبى متطلبا ته المتزايدة يوما بعد يوم.

وتعتبر الدراما أحد هذه الروافد الثقافية المحببة للطفل، نظرا لجاذبيتها للطفل بمحاكاتها لفعل الحياة، بالاضافة إلى منطقيتها ووحدتها العضوية، وتسلسلها في سلسلة من المسببات والنتائج بدءا بالبداية ثم الذروة وأخيرا النهاية مقارنة بالحوادث الحياتية المشوشة واللامنطقية في معظم الأحيان.

إن الطفل يعشق الدراما لابتعادها عن الأوامر والنواهي التي يمقتها ويتمرد عليها دوما، أما الدراما فعن طريق أفعال وسلوك الشخصيات وتصرفاتها عبر الصراع الدائر، بينهم توجه الطفل توجيها غير مباشر إذ تمده الدراما بخبرات لا حدود لها تتمثل في كيفية مواجهة شخصيات الدراما للمشكلات، وكيفية تغلبهم على العقبات التي ربما تواجههم في الحياة، لذلك فإن الاهتمام بانتاج الدراما الموجهة للطفل ليست بدعة مستحدثة، إنما هي قضية ملحة، بل واجب تفرضه القومية والانتماء.

وسواء كانت الدراما الموجهة للطفل واقعية تقدم له كل ما هو مألوف في حياته أو خيالية «الفنتازيا، الأساطير، الخيال العلمي» والتي تقدم له خبرات غير مألوفة، فهي بلاشك تلبي احتياجات الطفل سواء كان ذلك «شخوص» أو فنون التحريك المختلفة «صلصال - كارتون - عرائس الخ...».

وإذا نظرنا لما يقدم للطفل سنرى أن أعمالا قليلة هي التي تحترم عقلية الطفل وتقدم له دراما جيدة أما الباقي فتغلفها السذاجة والمباشرة، أو تفتقد إلى أصول وقواعد البناء الدرامي.

ومن الأمور المتعارف عليها أن النص «السيناريو» شيء مهم، ثم يأتي بعد ذلك دور المخرج في إظهار هذا السيناريو وجعل الحياة تدب في أوصاله خلال وسيطه «المرئي/ المسموع».

وللنص الجيد «السيناريو» الموجه للطفل مواصفات نوجزها فيما يأتي:

1- أن تكون القصة جيدة وشيقة.

2- أن تكون الفكرة واضحة ولا يعني وضوح الفكرة سذاجتها أو سطحيتها أو مباشرتها، وإنما كونها مفهومة يدركها الطفل ويلم بها.

3- أن يراعي أهم سمات المرحلة العمرية الموجه لها العمل مع الوضع في الاعتبار أنه ليست هناك حدود فاصلة بين مرحلة وأخرى وانما هي مراعاة أهم ما يميز مرحلة عن أخرى حتى يتم تلبية احتياجات كل مرحلة، أو ربما مراحل متعددة خلال العمل الواحد.

4- أن تحتوي على القيم المتعددة الموجهة للطفل عن طريق أفعال وتصرفات الشخصيات وسلوكهم وحواراتهم (الديالوج) وردود أفعالهم لا عن طريق الخطاب المباشر في لغة بسيطة سهلة.

5- أن يحتوي على المتعة والتسلية والابهار وهي مفردات تجذب الطفل للعمل الدرامي، وفي هذا السياق يجب الاهتمام باضفاء بعض المواقف الفكاهية على الدراما.

6- أن يكون هناك نماذج تصلح للتوحد «البطل/ وليس الشرير».

7- ثم أخيرا وهو الأهم مراعاة كاتب السيناريو لأسس وقواعد الدراما وتقنية كتابة السيناريو، مع معرفة كاملة ينوعية الوسيط الذي سيقدم من خلاله «مسموع - مرئي».

ونظرة منا لما يقدم للطفل سيقودنا ذلك إلى أمرين:

- الأول: سذاجة ومباشرة وسطحية بعض الأعمال المقدمة للطفل الى جانب المط والتطويل اللذين لاداعي لهما اطلاقا.

- الثاني: إن هناك قصصا جيدة بالفعل ولكن عند تقديم السيناريو الخاص بها نرى افتقادها لأصول وقواعد الدراما كما أسلفنا لعدم معرفة كتاب السيناريو بالدراما على رغم أن القصة جيدة أو فن كتابة السيناريو أو لعدم معرفة طبيعة الوسيط «مسموع - مرئي» وأن القصة بالتأكيد ليست هي الحبكة.

لذلك تبرز أهمية إقامة ورش العمل للتدريب على فن كتابة السيناريو وأهمية تكوين لجان عليا من خبراء متخصصين لقراءة النصوص قبل اخراجها وترجيه كتابها لنقاط الضعف فيها، بل ربما احتاج الأمر لاعادة النظر في العمل بعد إخراجه وقبل عرضة تجنبا للمط والتطويل.

وعلى رغم جهد مركز التدريب الاذاعي والتلفزيوني بدمشق لتدريب الكوادر الشابة من جميع الدول العربية على تقنية كتابة السيناريو الموجه للطفل إلا أن مثل هذه الورش لابد من تكثيفها وافساح وقت أطول لها، فهذا من شأنه رفع مستوى النص المقدم للطفل والتغلب على أزمة النص... إن هذا بالتأكيد سيقلل من الاعتماد الكبير على الدراما الأجنبية المستوردة خاصة الكارتون وبالتالي انتاج محلي متميز، وهذا سيقودنا للحديث عن أزمة الانتاج.

أزمة الانتاج

عندما نعقد مقارنة بين كم الدراما الموجهه للكبار «مسموعة - مرئية» والمساحة الزمنية المخصصة لها وبين ما يقدم للطفل سنرى قلة ما يقدم للطفل وهذا يعود للأسباب التالية:-

1- قلة أجر مؤلفي وكتاب السيناريو ومخرجي دراما الأطفال مقابل الأجور المبالغ فيها المقدمة لنظرائهم من كتاب دراما الكبار وبالتالي عزوف الكثيرين عن الكتابة للطفل، على رغم الجدل المثار بشأن الطول الزمني بين النوعين.

2- إن ما ينفق على دراما الأطفال يعتبر قليلا للغياية مقارنة بدراما الكبار والذي يتضح في أماكن التصوير «داخلي خارجي» وما يتعلق بفقر الديكورات وتواضعها ما يقلل من صدقية الأحداث وسذاجة الجو الخاص بها والتي تدل عليها وتؤكدها خاصة الدراما الخيالية «الأساطير - الخيال العلمي».

أستاذ مساعد دراما وسيناريو الطفل





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً