العدد 524 - الأربعاء 11 فبراير 2004م الموافق 19 ذي الحجة 1424هـ

العقود المقبلة... عقود ليبرالية

الباحث التونسي محمد حداد:

قال الباحث الجامعي التونسي محمد حداد إن العقود المقبلة ستكون عقودا ليبرالية، بعد أن كان القرن الماضي قرنا اشتراكيا، وعليه فيجب على العرب والمسلمين أن يختاوا بين الحياة على هامش العصر أو الدخول اليه مفكرين جيدا في أوضاعهم.

جاء ذلك في محاضرة نظمها مركز الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث ضمن موسمه الثقافي الثالث للباحث التونسي يوم الاثنين 9 فبراير/ شباط الجاري، تحت عنوان «مستقبل الثقافة العربية»، تطرق فيها الى اشتراكية القرن الماضي وليبرالية العقود المقبلة، كما تطرق فيها الى قراءة التاريخ بقوالب جاهزة، مشددا على أهمية النظر بشكل مختلف الى مجمل أحوالنا المعيشية والثقافية.

وجاء في المحاضرة «ان القرن الماضي كان عصر الاشتراكية، لكننا أمضينا القرن ولم نكن اشتراكيين، أمضينا القرن نحلم بالبطل، فتعاقبت الانكسارات الى أن سقطت بغداد، غيرنا خرج محتفظا بأبطال كـ «جيفارا» الذي أصبح معبود المراهقين والمراهقات بينما نحن لم نحتفظ الا بصورة الرئيس العراقي المخلوع صدام الحسين وهو يفتح فمه صاغرا بعد أن كمم أفواه آلاف العراقيين، خرجنا اذا من القرن الماضي من دون أن يتم تعديل المجتمع الانساني، ومن دون أن نحتفظ بشيء من عصر الثورات غير تغييب الديمقراطية وحقوق الانسان.

وأضاف «اننا اليوم أمام مفترق طرق، إما أن نظل نعيش على هامش العصر وإما أن ندخله مفكرين جيدا في أوضاعنا. وهنا يبرز سؤال مهم عن مستقبل الثقافة العربية من منطلق أن العقود المقبلة ستكون عقودا ليبرالية كما اعتقد، فمستقبل الثقافة لدينا رهين بتجاوز هذا الاصلاح الديني الذي يتجاهل الليبرالية، والحل كما أتصوره يتم بإعادة طرح القضايا بصدق، فإن عدم تناولها بهذه الطريقة جعلنا في القرن الواحد والعشرين واقعين تحت وصاية الدول الغربية بعد أن كنا نتقاسم العالم مع الصين والمغول في نهاية القرن الثالث عشر. ذلك ان العقلية السائدة لدينا ترى أن مشكلة العرب والمسلمين في وجود الغرب، وهذه النظرة مصدرها سبب هيكلي وهو أن النظرة السائدة تقرأ التاريخ من منطلق نماذج جاهزة، فالقراءة السلفية مثلا تتناول نموذج الطوفان الذي يقوم على الكارثة والتطهير الذي هو وعد الحق، وبمفهوم هذه النظرة فان التاريخ لا يعدو أن يكون سجلا للحوادث، النظرة التي ترسخت في الجينات المعرفية العربية».

وأضاف حداد «انه عندما بدأت النهضة الأوروبية لم يكن المسلمون في سبات، ومع ذلك فإن أوروبا وقتها اختارت التوقيع على معاهدة للحريات بينما اختار العثمانيون الرجوع الى الطريقة البويهية لتعود ارادة السلطان فتصبح ارادة الله. وحينما كانت النهضة الأوروبية تتبرعم ولم تكن وقتها أوروبا قوة كبرى، فلم يكن ليمنع ذلك «دانتي» عن التطواف مبشرا بمذهبه الأدبي، ولم يكن ليمنع «شكسبير» عن كتابة مسرحيته «روميو وجولييت»، كانت البلاد العربية غير ذلك تماما مع أن الفكر الأوروبي تحول الى الفكر الحضاري بسبب أن أوروبا ابان نهضتها كانت محاصرة بالاسلام. ما يعني انها كانت في موقع قوة».

«لذلك أرى ان تواجه أوروبا بالعرب لم تكن حملات صليبية وانما كانت دفاعا، ولكن اصطدام أوروبا بالعرب ولد شعورا هستيريا لدى العرب والمسلمين بنهاية الزمان، وتحميل الأتراك مسئولية هذا الانحطاط وجه آخر لعدم الفهم للظروف الحقيقية، كما أنها فكرة صنعتها نفوس لأجل مصالح خاصة». وأضاف «لأبين وجهة نظري أطرح مثالين الأول لـ «خير الدين»، الذي ينسب إلى تونس كانت له أول محاولة ليبرالية حاول من خلالها أن يجعل القضية قضية اقتباس، داعيا الى الأخذ بعلوم الغرب ومنجزاته، وكيف أنه حورب من قبل الفئة المغالية المتشددة وقتها، متهمين اياه بأنه سبب ما حدث من انهزام بعد ذلك، من دون أن يعترفوا بأنهم سبب كل ذلك لأنهم لم يستجيبوا الى ما طرحه، وموقف آخر لعالم مغربي هو «ابن باديس» الذي قام بعد «الطهطاوي» بالذهاب الى باريس وكتب عن رحلته تلك وعما شاهد حتى اذا وصل الى نهاية كتابه أشار الى ما يتمتع به هؤلاء القوم - ويعني الفرنسيين- انما هو متاع الدنيا الزائلة التي حجب الله بها هؤلاء القوم عن عبادته»





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً