العدد 2711 - السبت 06 فبراير 2010م الموافق 22 صفر 1431هـ

«كانتونات» استثمارية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

قبل الدخول في الموضوع، فإنني أود الإشارة إلى عدم اعتراضي على تشييد مشروعات عقارية – استثمارية من ناحية المبدأ، ولكن الخشية في أن السياق الذي تشيد على أساسه المشروعات العقارية حاليا قد يؤدي في نهاية الأمر إلى تحويل أجزاء كبيرة من البحرين إلى «كانتونات استثمارية» تتواجد إلى جانب مناطق سكنية غير لائقة، ولربما تتحول مناطقنا السكنية التقليدية في المستقبل غير البعيد إلى حزام من الفقر الذي يعشعش في بيوت لايمكن مقارنتها بما تحويه المشروعات الاستثمارية.

«الكانتون» في المفهوم السياسي هو ما نجده في سويسرا، التي تتكون من» 26 كانتونا»، ولكل «كانتون» دستوره الخاص به، وسلطته التشريعية وحكومته ومحاكمه. وبحسب الدستور الاتحادي السويسري فإن لكل «كانتون» سيادة داخل حدوده، وإن كل «كانتون» يقرر (من خلال التصويت الشعبي) على الإبقاء على الصلاحيات داخل حدودهم أو نقل بعضها إلى الحكومة الفدرالية، وكل «كانتون» مسئول عن الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، وإنفاذ القانون، وتنظيم الضرائب. وسويسرا تفتخر أن نظامها المعتمد على «الكانتونات» هو الأقرب إلى الديمقراطية المباشرة في عالمنا اليوم، لان «الكانتون» يعتمد على إرادة الشعب أولا وأخيرا.

أما «الكانتون الاستثماري»، فأمره مختلف تماما، إذ إنه يُخضع جزءا من البلاد إلى إرادة شركة استثمارية تقوم بتشييد مدينة أو جزر سكنية، وتبيع جزءا من الفيلل إلى الأغنياء والمقتدرين، وتحيط نفسها بحواجز، بحيث تكون الحدود الاستثمارية «مسيجة»، ويمكن للشركة أن تمنع أي شخص من دخول الحدود المسيجة. وما نراه اليوم من بعض المشروعات الاستثمارية أنها ستكون أشبه بـ «كانتون» خاضع لإرادة شركة، وأن الشعب ليس له رأي في أي شيء، والمجالس البلدية لا رأي لها، ولا يمكنها أن ترفض أو تقبل بأي شيء تود الشركة الاستثمارية فعله، وحتى الخدمات البلدية لاحاجة لها، لأن الخدمات والبنية التحتية جميعها ستكون بيد الشركة الاستثمارية.

يمكننا أن نتخيل أن مثل هذه المشروعات قد تصبح فعلا «كانتونات استثمارية» في المستقبل، وأنها لاعلاقة لها بالمناطق السكنية للشعب، هذا في الوقت الذي تعاني المناطق الشعبية من سوء الخدمات، وقريبا سيشاهد المواطنون الساكنون فيها، بنايات خلابة وعمران جميلا قريبا منهم، ولكنهم لايستطيعون الاقتراب منها، اللهم إلا للعمل في إحدى شركات الخدمات أو محلات التسوق، ومن ثم الخروج منه قبل حلول الليل للعودة إلى مناطق السكن الشعبية التي قد يقترب شكلها في المستقبل من «المخيمات» الفلسطينية التي نسمع عنها في بلدان أخرى. وعليه، فإن علينا جميعا تقع مسئولية أن تكون البحرين – كل البحرين – مفتوحة لكل المواطنين والمقيمين فيها، وأن يرتفع مستوى العمران في جميع مناطقها، وأن لايحاصر المواطنون في منازل غير لائقة تحيط بهم «كانتونات استثمارية» مسيجة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2711 - السبت 06 فبراير 2010م الموافق 22 صفر 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 6:54 م

      او لم يسيروا فى الارض فينظروا كيف كان عقبةالذين

      ما الذى نستطيع فعله يا ابن الجمري؟؟؟ اذا البرلمان لم يستطع ايقاف الدفان فى الملك العام فكيف ايقاف من يملك العام .. هل البحر هو فعلا عام !!!؟؟؟ هل نحن الان نتكلم ام نحن نحلم؟؟ هل يقراءون و يسمعون ما نقول ؟؟؟ هل نحن احرار ام مقيدون؟؟

    • زائر 7 | 12:56 م

      متى نحلم مع القمر

      في زمن مضى تلك الصورة الممتعة بين البساتين حين يكون القمر بدرا وتعانق البحر يسواحله الحميلة مع النخيل الباسقة واحلى من كل دلك اهل البحرين في ذلك الزمان الجميل والحلم الذي مضى فكان يوم جميل عشناه كل القلوب على بعضها اهل المحرق الكرام مع اهل المنامة والرفاع وطيبة اهل القرى ما كان يمنع هؤلاء جميعا سياجا ولا يوجد من يسرق بهذه الصورة في عز النهار بيوت الفقراء ولا يمنعهم عن اللقاء وفجاة نزل المصاب الجلل تصام القمر مع ناطحات السحاب الكئيبة وقبر عشق القمر وعشق البحر و السمك و الصياد، متى نحلم مع القمر

    • زائر 6 | 11:00 ص

      كـــــــــــؤوس ... الحرمــــــــــان

      نوع من العبث ، ويتمثّل بأساليب إنشائية بنائية استثمارية لأصحاب نفوس متمردة – دون ضوابط – ومسعورة ، تجثم على خيرات البلد بامتلاك الأراضي، وتشتت من عليها أحياناً وتسقيهم بين فترة وأخرى من كؤوس الحرمان مترعة بالذل والهوان . وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون . كل الشكر للوسط ... نهوض

    • زائر 5 | 7:44 ص

      أجودي

      المشكله انهم يخدعون الناس،، ويدعون بأنها هذه التنميه! للأسف كل كلامك صحيح يا دكتور. انظر الى المريديان سابقا، وحتى اليوم. لا يستطيع اي انسان الإقتراب منه. لأنه كامل السياج من البر والبحر. وغيره من المنشآت الكثير. فالو نظرنا الى رأس رمان على سبيل المثال. سنراها غارقه بين العمارات العملاقه. وتبدوا بيوتها كأنها أكواخ صغيره جداً. تحياتي لك دكتور..... 

    • زائر 4 | 6:50 ص

      ضريبة المدنية والتحضر غالية الثمن .. مسكين المواطن وين يروح

      الهوامير وأسماك القرش ما تركوا شيء للمواطن الفقير والمغلوب على أمره فالسواحل أصبحت في خبر كان وتم تسويرها وتحويلها إلى مشاريع ضخمة وكذلك الأراضي تحولت إلى فلل وعمارات تناطح السحاب وأصبحت الشركات الاستثمارية هي الآمرة والناهية ووضعت الحواجز واللوحات الكبيرة التي تنبه المواطن العادي وتمنعه أحيانا من الدخول بسيارته أو المرور من هناك لأنها أملاك خاصة لكبار القوم ويوما بعد يوم نصبح أغراب في ديرتنا .. موضوعك دكتور أمس واليوم في الصميم .. ام محمود

    • زائر 3 | 5:57 ص

      لا حياة لمن تنادي

      مقال قيم يادكتور فيه حسن وطني ولكن لاحياة لمن تنادي فالعباد إختنقت بالغاز وكادت أن تموت ولم يتحرك مسئول من أجلهم فمابالنا بمشكلة لازالت في بدايتها وهي لاتعني الكبار ،،،
      ثابت العرادي

    • كشاجم | 2:21 ص

      بل هي سياسة الفصل العنصري

      هذه الكانتونان تؤصل لسياسة الفصل العنصري بكل تفاصيله. فمن الجدران العالية والحراسة المشددة وشروط الشراء والمبالغ إلى كل شيئ آخر.
      وسترى في المستقبل القريب حتى مراكز العلاج والمستشفيات والمدارس والأسواق تقام فقط لسكان تلك الكانتونات. بل حتى شركات الإتصال ستكون متخصصة للكانتونات وهي الآن بالفعل كذلك، فأمواج لديها شركة إتصالات خاصة بها!!
      وكله بسبب السياسة التي تستبعد الشعب الأصيل وتستبدله بشعوب من دول شتى. صحيح أن الكانتونات هي للأغنياء، ولكنها في النهاية نفس سياسة التهميش.
      تحياتي

    • زائر 2 | 10:18 م

      حلم ابليس فى الجنه

      الكل يتمنى يا دكتور ،ولكن؟؟ اذا كانهى من تقوم بذالك فلن تفتح المناطق لعموم الشعب بدليل غلق باب التمليك فى الرفاعين وخصوصا لفئة الشيعه. احلم يا دكتور فالحلم (ببلااااااااااااش)

    • زائر 1 | 10:17 م

      ما دخل الاستثمار الطامع عير المنضبط في بلد الاافسده

      الاستثار لابد ان يخضع لضوابط اما ان يترك واهواء المستثمرين فلن ياتي بخير وخاصة على المواطن والمجنمع عامة هل يراد لهذا الوطن ان يقسم طبقيا في كل شئ التعليم (مدارس خاصة جامعات خاصة بقيم واخلاق خاصة ) مستشفيات , مدن سكنية خاصة حواجز فكرية اسلوب خاص في التفكير والحياة حصار للمناطق السكنية والقرى وتضييق الخناق عليها , القرى الشمالية حوصرت برا وبحرا , القرى الغربية حوصرت بمدينة حمد ومن البحر والمزارع الخاصة حتى لم يعد هناك مكانا للسكن والمدارس والمستشفيات وكذلك المنامة والمحرق والجنوبية انظر

اقرأ ايضاً