في منتصف الأسبوع الماضي انتشرت روائح غازات كريهة في الكثير من مناطق مملكة البحرين ماعدا المحافظة الجنوبية وقام المواطنون القاطنون في تلك المناطق بالإعلان عن قلقهم من تردي جودة الهواء وتخوفهم من الآثار المترتبة على استنشاق تركيزات غير معلومة من الغازات الضارة التي قد تنعكس سلبيا على صحتهم سواء على المدى الطويل أو القصير.
أصابع الاتهام وجهت إلى ملوثي الهواء الرئيسيين من مصانع كبرى الى مصانع متوسطة أو صغيرة متواجدة في المناطق الصناعية أو المجاورة الى المناطق السكنية وكان هناك تخوف من حصول تسرب كيميائي الى الهواء. المؤتمر الصحافي في بيت التجار بتاريخ 3 فبراير/ شباط لمدير عام الإدارة العامة لحماية البيئة و الحياة الفطرية عادل الزياني نتج عنه وضع بعض النقاط على الحروف فقد تم حصر الأسباب في انتشار رائحة غاز الضربان بسبب ظاهرة الانقلاب الحراري أو «thermal inversion».
ظاهرة الانقلاب الحراري هي ظاهرة جوية تحدث بسبب تغير في درجة الحرارة مع الارتفاع ففي الظروف العادية تكون درجة حرارة الهواء الجوي القريبة من سطح الأرض هي الأعلى و من ثم تنتقل الحرارة تصاعديا الى طبقات الجو العليا بالحمل (convection) لكن في حال حدوث العكس و تواجد طبقة هواء حارة و أقل كثافة في طبقة الجو العليا ووجود طبقة هواء باردة قريبة من سطح الأرض فإنها تسبب منع انتشار الملوثات إلى طبقات الجو العليا مما يؤدي إلى حصرها في طبقة الجو القريبة من سطح الأرض.
من الجهة الأخرى، فإن ما يطلق عليه غاز الضربان يحتوي على غاز المركابتن (mercaptan) وهو عبارة عن مركب عضوي يحتوي على عنصر الكبريت مما يسبب رائحة غير مستحبة و أغلب الظن يتواجد في المملكة لأنه أحد الغازات الناتجة من عمليات تكرير النفط وهذا الغاز لايتم قياس تركيزه في الهواء الجوي من قبل الأجهزة الدقيقة الحكومية.
ظاهرة الانقلاب الحراري سبب حصر الملوثات بطبقة قريبة من سطح الأرض مما أدى الى انتشار رائحة غير مستحبة في معظم أرجاء البحرين. من الممكن ان يكون تركيز الغازات المنبعثة من مداخن المصانع و محطات الكهرباء متوافقة مع النسب المسموح بها محليا من قبل الإدارة العامة لحماية البيئة لكن عدم انتشارها في طبقات الغلاف الجوي تسبب في إلقاء الضوء على معاناة مواطني بعض القرى القريبة من المصانع نتيجة تلوث الهواء.
في برامج الطقس في تلفزيونات الدول المتقدمة يتم نشر مؤشر لجودة الهواء لأن هذه المعلومة مهمة صحيا إلى كبار السن و الصغار و أعتقد أنه من الضروري أن يكون هناك مزيد من التعاون لنشر قياسات الهواء في وسائل الإعلام سواء الصحافة أو التلفاز وبصورة يومية. أما الأرصاد الجوية فيمكنها نشر معلومات عن ظاهرة الانقلاب الحراري.
ظاهرة الانقلاب الحراري لا يجب أن تكون الشماعة التي نلقي عليها حادثة انتشار غازات و روائح كريهة في معظم مناطق البحرين فالسبب هو زيادة الملوثات التي يتم تنبعث من قبل المصانع وهناك حاجة إلى مراجعة مستمرة لمعايير الملوثات و خفضها بصورة دورية من قبل الجهات التنفيذية.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2710 - الجمعة 05 فبراير 2010م الموافق 21 صفر 1431هـ