مع نهاية العام 2009 بدأ غبار الأزمة المالية العالمية في التلاشي مخلفا الكثير من التداعيات التي تحاول مختلف بلدان العالم معالجتها وتخطيها من خسائرها قدر الامكان.
وقالت نشرة صدرت عن مصر الإمارات الصناعي، في عددها الأخير، إن دولة الامارات ودول مجلس التعاون الخليجيـ تعتبر من أقل بلدان العالم تأثرا بالأزمة المالية العالمية، ما مكَّنها من تجاوز تداعياتها في وقت زمني قصير نسبيا، وذلك لاعتبارات كثيرة، يأتي في مقدمتها عدم تأثر قطاعها المالي والمصرفي بأزمة الرهون العقارية وتمكنها من تكوين احتياطي مالي كبير ناجم عن ارتفاع أسعار النفط في السنوات الخمس الماضية.
وتشير البيانات المتوافرة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات نما بنسبة 368 في المئة في العام 2009 ليصل إلى 942 مليار درهم (25.6 مليار دولار)، مقابل 201 مليار درهم (54.7 مليار دولار) في العام 1999، وبمعدل نمو سنوي كبير يفوق تلك المعدلات التي حققتها الاقتصادات الناشئة سريعة النمو في العقد الماضي.
وعلى رغم تذبذب مساهمة القطاع والناجم عن تقلبات أسعار النفط في الأسواق العالمية؛ إلا أن القطاعات غير النفطية الرئيسية ظلت متماسكة، وخصوصا قطاع الصناعات التحويلية وقطاع التجارة الخارجية والنقل.
ونتيجة لذلك حققت القطاعات الاقتصادية غير النفطية نسبة نمو مرتفعة طوال السنوات العشر الماضية لتصل مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي للدولة إلى 621.7 مليار درهم (169.3 مليار دولار) في العام الماضي، مقابل 151 مليار درهم (41.1 مليار دولار) في العام 1999؛ إذ شكلت مساهمة القطاعات غير النفطية 66 في المئة من إجمالي حجم الناتج في العام 2009.
وكما توقعت نشرة مصرف الإمارات الصناعي في تحليلها للأوضاع الاقتصادية في الدولة مطلع العام 2009، فقد بدأت معظم القطاعات غير النفطية في استعادة عافيتها مع منتصف العام لتحقيق إيجابية في النصف الثاني من العام نفسه.
أما القطاع النفطي، فقد تأثرت مساهمته بتراجع أسعار النفط؛ إلا أن زيادة الإنتاج حد من نسبة هذا التراجع؛ إذ بلغ حجم مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي في العام 2009 ما قيمته 320.3 مليار درهم (87.2 مليار دولار)؛ إذ شكل ذلك 34 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في العام الماضي.
أما فيما يتعلق بتفاصيل مساهمة القطاعات الاقتصادية غير النفطية، فإن قطاع الصناعات التحويلية يعتبر من أكثر القطاعات استقرارا وأقلها تأثرا بالأزمة المالية العالمية، ما يؤكد أهمية العمل على دعم الاستثمارات الصناعية والتي تساهم في إيجاد توازن بين القطاعات غير النفطية وتؤدي إلى زيادة مساهمة القطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي الإجمالي.
لذلك، فقد ارتفعت مساهمة قطاع الصناعات التحويلية من إجمالي مكونات الناتج المحلي إلى 119.2 مليار درهم (32.5 مليار دولار) في العام 2009 وهو يشكل 12.7 في المئة تقريبا من مكونات الناتج المحلي الإجمالي، ما رفع من مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي.
وبذلك يكون اقتصاد دولة الإمارات من الاقتصادات العالمية القليلة التي تحقق معدلات نمو إيجابية للعام الثاني على التوالي، كما أن هذه التطورات أوجدت الأرضية اللازمة لتحقيق معدلات نمو جيد تتراوح مابين 4 و 5 في المئة في العام 2010.
وفي تطور إيجابي آخر، انخفضت معدلات التضخم بنسبة كبيرة لتقترب من معدلاتها الطبيعية؛ إذ ساهم انخفاض أسعار السلع المستوردة وإيجارات المساكن بصورة أساسية في هذا الانخفاض، والتي يتوقع أن تستقر عند معدلاتها المنخفضة في العام 2010.
وفي الوقت نفسه، فقد تجاوز القطاع المالي والمصرفي في العام 2009 الكثير من العقبات، بما فيها التغلب على استقطاع مخصصات كبيرة لبعض الديون والالتزامات المالية، ما يضعه في وضع أفضل في العام الجديد ويؤهله لتحقيق نتائج جيدة ستجد لها انعكاسات إيجابية على أداء أسواق المال المحلية في القترة المقبلة. ونظرا إلى بدء تعافي الاقتصاد العالمي وتجاوز الاقتصاد المحلي لتداعيات الأزمة، فإنه يتوقع أيضا أن ترتفع أسعار النفط في العام الجاري 2010 نتيجة لارتفاع الطلب العالمي الناجم عن عودة النمو للاقتصادات العالمية، وخصوصا الاقتصادات الناشئة، ما يمهد لعودة الانتعاش لاقتصاد الإمارات والاقتصادات الخليجية عموما.
لذلك، فإن العام 2010 سيشكل انطلاقة جديدة للاقتصاد المحلي تتيح له تجذير التحويل الهيكلي الخاص بتنويع مصادر الدخل من خلال تنمية القطاعات غير النفطية، وخصوصا قطاع الصناعات التحويلية والذي يتوقع أن يشهد نموا ملحوظا مع دخول بعض المشاريع الكبيرة حيز الانتاج، وخصوصا مصنع الإمارات للألمنيوم «إيمال» والتوسعات المرتقبة في مصانع البتروكيماويات في العام الجاري.
العدد 2709 - الخميس 04 فبراير 2010م الموافق 20 صفر 1431هـ