العدد 2708 - الأربعاء 03 فبراير 2010م الموافق 19 صفر 1431هـ

أوباما يفقد البصر

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ما يُكتَب عن الرئيس الأميركي هذه الأيام لا يَسُر. فقد أشار كلّ من آن كورنبلات ومايكل فليتشر من الواشنطن بوست عن أن حياة باراك أوباما داخل البيت الأبيض، بدت مختلفة عن سابقه من الرؤساء، وعن سابقته هو حين قاد جحفل التغيير ضد اليمين قبل عام ونيف.

مُراقبوه يشيرون إلى أن أوباما لم تقتصر أذنه على سماع ما يقوله مستشاروه، بل إنه بات يعتمد على أغيار من المؤثرات المحسوسة كالكتابات الصحافية والأخبار، والمُدوّنات الشخصية، وحتى الانطباعات والملاحظات الشخصية والخاصة جدا.

حسنا. المُشكلة ليست في ذلك، فهي في النهاية تحرّر جريء من استشارات مُوجّهة، لكن المُشكلة في ما قاله أحد مستشاري الرئيس «الخاصّين» من أن أوباما اعتمد على «نحو خاص» بما نشره أندرو سوليفان على موقع «أتلانتيك أون لاين» حول الانتخابات (الرئاسية) الإيرانية العام الماضي.

ولأن سوليفان هو الابن الشرعي للنظام اليميني المتصيهن في الولايات المتحدة يُصبح الأمر غاية في الخطورة، في أن تتشكّل رؤية رئيس أقوى دولة في العالم من خلال إفاضات هكذا أفراد، ورّطوا العالم في حروب «عسكرية واجتماعية» مُدمّرة بسبب رؤى وتحليلات مدعومة باللاهوت.

هنا، يستحضر المرء ما كان يُقال ويجري قبل الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2008 عندما هَزَم مُرشّح الديمقراطيين باراك أوباما مُرشّح الجمهوريين جون ماكين. كان الخطاب حينها مُختلفا جدا. وربما كان ذلك الوسيلة المُثلَى لتحقيق الانتصار. «لا نريد حربا جديدة، ونسعى لإنهاء ما أضرِمَ منها قبل مجيئنا».

لكن خطاب حالة الاتحاد الأخير أظهر أن نمنمات السياسة خلال الانتخابات تختلف عن نمنمات ما يعقبها. فحين استمع العالم لخطاب حالة الاتحاد بدا وكأن الديمقراطيين لا ينسخون عهدا منصرفا، بقدر ما يُؤكّدونه طورا فَطَوْر.

لا يبدو أن أوباما يملك عافية الحراك الذي اضطلع به العالَمَان الأنكلوساكسوني والفرانكفوني خلال مراحل تطوّرهما. في أحلَك مراحل البناء السياسي كان هالام ولينغارد وكارلايْل يُعيدون النظر في الممارسات التي يجترحها ساسة حاضر زمانهم، عبر مقاربتها بالتاريخ.

وكان أوغستين تيير ومينييه وبوناروتي ولامارتين وجول ميشيليه يُصوّبون ما اعوجّ خلال مسيرة الثورة في فرنسا. وكانت نظرتهم أن السياسات الحالية لا يُمكن سَكُّها بما تمّ في الماضي، وألحَق بالبلاد خسائر مفتوحة ومفضوحة زادت من الأكلاف ما لا يُحتَمَل.

اليوم وحين يُقال بأن الرئيس الأميركي يغازل ذات الأفكار التي تخلّقت بها السياسة الأميركية (اليمينية) خلال العقد المنتهي عبر كُتّاب وصحافيين، فإننا نتساءل عن حدود التغيير الذي أراده أوباما ومن خلفه الديمقراطيين، وعن شكله وشاكلته؟ وهل هو حقيقي أم وهمي.

فالعالم اليوم لا يريد من أوباما أن يستعين بأشخاص كـ «سوليفان» وأضرابه، فهم حكواتيوا «الحروب الشاملة». بالتأكيد لا نريده أن يستمع لغيورغ بوخنر، لكن الاحتداء بذلك هو أصوب لبلد بحجم الولايات المتحدة، أصبحت ديونه ترتفع من أربعة تريليونات إلى ثمانية تريليون دولار بفعل تبرّعها بالحروب هنا وهناك.

وإذا كان أوباما ليبراليا كما يقول فعليه أن يقرأ تاريخ المُعاضدة العلمية السياسية خلال القرنين الماضيين وما أعمله الأخَوَان غْريْم. وإن كان مسيحيا متدينا حين يجتمع برئيس أساقفة واشنطن فعليه أن يقرأ ممارسات التيار البيوريتاني وأصول الورع الأنغليكاني والكاثوليكي في الولايات المتحدة التي كانت تدعو إل الاعتدال.

لا يفيدنا إن قالوا عنه بأنه ضليع في بحث «المضامين القانونية لنظرية النسبية لآينشتاين»، لأن الجميع يعرف أن العلوم في غير سياقها تصبح ترفا. وحين تتحول العلوم إلى هكذا حال يصبح الهراء جيدا لأن المنطق محدود للغاية كما كان يقول جورج سانتايانا.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2708 - الأربعاء 03 فبراير 2010م الموافق 19 صفر 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 11:09 ص

      سلام

      أخ محمد
      أرسلت لك رسالة خاصة على بريديك الإلكتروني ، أتمنى الإطلاع عليها ، وشكرا

    • زائر 1 | 12:32 ص

      امريكا ضعييفه

      امريكه اصبحت تمد يدها للصين ومره لروسيا من هلوسته الضعف والديون

اقرأ ايضاً