بالأمس القريب استقبلت البحرين الناشط السياسي وعضو مجلس الأمة الكويتي عبدالله النيباري، وانها لمن اللحظات المهمة أن نستضيف مثل هذه الشخصيات وفي هذه الفترة من تأريخ البحرين الحديث وخصوصا بعد مسلسل الفضائح المالية لهيئتي التقاعد والتأمينات.
النائب النيباري قالها وبالحرف «التجربة النيابية المعمول بها في الكويت تفوق في صلاحياتها الدستورية نظيرتها البحرينية، اذ يتيح الدستور الكويتي استجواب وطرح الثقة في الحكومة ...» (الوسط ، العدد 499)، ذاك حلم وردي يراود كل الناشطين السياسيين البحرينيين. لن تمتد أمانينا نحو النماذج الديمقراطية العريقة في أوروبا وأ،ميركا فربما لا يلائم ذلك ديمقراطيتنا «الفتية» كما يحلو للمتحذلقين أن ينظّروا لنا، ولكننا سنحلم بديمقراطية بين ظهرانينا وفي دولة خليجية شقيقة كالكويت، فلا حيلة لتبرير عدم صلاحية النموذج الكويتي لدولنا، كيف ذلك والكويت جزء لايتجزأ من منظومتنا الخليجية.
كان لدينا مع مطلع سبعينات القرن الماضي في البحرين تجربة ديمقراطية رائدة كان يمكن البناء عليها وتضمين حتى مساءلة السلطة التنفيذية من قبل ممثلي الشعب في حال التجاوزات. الآن، نحن أمام معضلة هيئتي التأمينات الاجتماعية وصندوق التقاعد نكاد نصل الى طريق مسدود في المسار التحقيقي بالبرلمان، كل ذلك على رغم الوضوح التام لعناصر المخالفة والتجاوز في هذا الملف المثقل. ونحن نعلم أن أول خطوة لحل أي مشكلة أو تصحيح مسار ما يستلزم الاعتراف بالخطأ وتجريم من أخطأ ليكون عبرة لكل متهاون في المال العام وخصوصا إذا انطوى الأمر على «تجاوزات جسيمة» كما هو الحال في ملف الهيئتين. في ظل كل ذلك نخشى ألا نرى مخرجا يدعو إلى التفاؤل بمستقبل هذا الملف، فهنالك عشرات العقبات التي ستحول دون طرح الثقة في من هم أساس المشكلة المستفحلة في الهيئتين.
في العدد ذاته المشار اليه من صحيفة «الوسط» أشار الخبير الإكتواري ابراهيم مهنا بدرجة صارخة من الصراحة الى مسئولية الحكومة في كل ما جرى دون القاء اللوم بالمطلق على الإدارة التنفيذية لدى الهيئتين. وهنا السؤال إذا كان قرار خفض الاشتراكات من 21 الى 15 في المئة العام 1986 - وهو كما يبدو القرار الأول في أبعاده الكارثية في مسار الهيئتين الانحداري وتم ذلك بتوجيه حكومي مباشر، أو كما يقول رئيس مجلس إدارة هيئة التأمينات الاجتماعية ان «مجلس ادارة التأمينات لم يستشر في قرار الخفض» (الوسط ، العدد 499)، إذن مسئولية ما حدث تقع هنالك على الحكومة.
نحن جموع المشتركين نطالب بإقامة العدالة والقانون وتنفيذ عناصر الديمقراطية كما هي بحق من أخطأ وتجاوز، وينبغي عدم التسامح مع المسئولين عن الأخطاء، ونضم صوتنا من دون تردد مع مطالبات السيد ضياء الموسوي وغيره بإعادة الأموال المهدورة ليس من الخزينة العامة للدولة ولكن من الجيوب الخاصة للمتسببين في هدر أموال المشتركين في الهيئتين.
نتمنى أن تصل ملاحظات النائب النيباري، أملا بمحاسبة من أساء وأخطأ وايقاف دابر الفساد المالي والإداري المستفحل عند حدوده
العدد 510 - الأربعاء 28 يناير 2004م الموافق 05 ذي الحجة 1424هـ