لا شك أن جوائز المؤسسات الثقافية في الوطن العربي تعني إدراك هذه المؤسسات قيمة العطاء الثقافي وضرورة دعم أصحابها ماديا لتظل جذوة الثقافة العربية مشتعلة ومشجعة لمزيد من العطاء خصوصا في زمن رديء تراجع فيه عدد القراء الحقيقيين للنتاجات الثقافية بمختلف أشكالها وأصبحت اللغة السائدة على الثقافة العربية هي لغة ثقافة الفضائيات، وكاد الكاتب لا يبيع نصف الكم الذي يطبعه لتغطية كلف الطباعة، ولهذا فإن اهتمام المؤسسات الثقافية العربية بنتاج المثقفين أمر ضروري جدا.
وما فوز كل من الشاعرين (أدونيس) السوري ومحمود درويش الفلسطيني بجائزة سلطان بن علي العويس إلا تأكيدا بأن هذه المؤسسة تسير حسب ما أراد صاحبها (رحمه الله) لها من حيث الاهتمام بتنوع الأشكال الثقافية والأدبية والشعرية، ومن هنا فإن حصول هذين الشاعرين اللذين هما من رواد شعر الحداثة واللذين كسرا القيد التقليدي من معصم الشعر العربي بكل أثقاله وقوافيه وموضوعاته المحدودة ضمن إطار ضيق، وهذا ما يؤكد مرة أخرى أن القائمين على هذه المؤسسة يحملون عقلية معاصرة بعيدا عن مرض الفكر التقليدي والثقافة التقليدية التي مازال الكثيرون أسرى لها.
لكن المواطن العربي يتمنى من القائمين على المؤسسات الثقافية العربية أن يتمكنوا كذلك من الانسلاخ عن عقدة الأسماء الكبار، فأدونيس ودرويش إثنان من الشعراء الذين أخذوا مكانتهم وشبعوا تكريما ويجب إفساح المجال أمام النتاج العربي الجديد بالبحث عن عناصر شابة بدأت تسير ولو باستحياء في عالم الأدب والثقافة وعدم التركيز في جوائزها على الأسماء اللامعة لأن نتاجاتهم تنشر في مختلف الصحف والمجلات وتدر عليهم ما يغطي احتياجاتهم كما أظن، لكن الكتاب الجدد هم الذين بحاجة إلى الدعم المالي والأدبي.
وكم يتمنى المثقف العربي أن تخصص هذه المؤسسات الثقافية جزءا من تمويلها وجوائزها للاهتمام بالكتاب الكبار في السن والمحتاجين للعلاج، فالصحافة كثيرا ما تذكر أن الكاتب الفلاني بحاجة إلى العناية والاهتمام ونادرا ما يتم مد يد العون إليهم في بلدانهم خصوصا إذا كانوا من الأقلام التي حاربت أنظمتها الدكتاتورية والشمولية، ومن هنا أرى ضرورة تخصيص مبلغ من قبل هذه المؤسسات الأهلية للعناية بالكتاب الذين دعاهم تقدم سنهم أو أمراضهم إلى التوقف عن الإبداع
العدد 510 - الأربعاء 28 يناير 2004م الموافق 05 ذي الحجة 1424هـ