بينما يعمد مقاطعو بضائع أي دولة كانت إلى استصدار قوائم سوداء، بأسماء الشركات التي تتخذ سياسات لا تتفق ورؤاهم، أو تلك التي تقف من بلدانهم وقضاياها موقف الضد الظاهر أو المستتر، تأتي مجموعات أخرى بأفكار جديدة وهي «القائمة البيضاء».
والقائمة البيضاء هذه تعنى بالجهات أو الشركات أو الأفراد الذين ينافحون عن القضايا والأفكار التي تتفق مع الجهات المقاطعة، إذ لا يكفي أن نقاطع - هنا في البحرين كما في أكثر من بلد عربي وعلى المستوى الشعبي - البضائع الإسرائيلية والأميركية، ولكن من المهم أيضا، أن نبحث عن أصدقاء، ونصنع أصدقاء ونقوّي من موقفهم تجاهنا، بدلا من تجاهلهم، أو شمولهم بمقاطعتنا.
هذا الأمر من الممكن أن ينطبق هذه الأيام على البرلمانية البريطانية جيني تانغ، التي ما أن قالت أن «تتفهم» الدوافع التي تخلق من الفلسطينيين انتحاريين يكرهون الحياة التي يعيشونها بفعل التضييق والقتل والمطاردة من قبل القوات الإسرائيلية، حتى قامت ضدها جهات بريطانية عدة، بما فيها حزبها، وتم تجريدها من كرسيها.
ليست تانغ هي الوحيدة، بل هناك ناشطون في مجال حقوق الإنسان والحريات، تفوقوا - عملا لا قولا - على المجعجعين لدينا من ذوي الحناجر العالية في المسألة الوطنية والفلسطينية، ودفعوا حياتهم ثمنا لما آمنوا به، وتجد الكثيرين هنا وكأن في جيوبهم أفاعي وعقارب يخشون أن يدسوا أيديهم فيها ليخرجوا بضع دراهم ليتبرعوا بها لما آمنوا به، ولكن لا أحد يغلبهم في التنظير.
إن هذه النماذج المتعاطفة والمؤيدة لقضايانا هم «رسلنا» إلى تلك المجتمعات، وهم الأقدر منا على تحريك ما نؤمن به، لو استطعنا أن نجعلهم في قوائم بيضاء تلبي الدعم المعنوي، وتشعرهم بامتناننا لما قدموه وضحوا من أجله، لا أن يتركوا هكذا للنسيان، ولكي يندبوا حظا ساقهم إلى التعاطف مع من لا يقدر لهم وقفاتهم تلك
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 508 - الإثنين 26 يناير 2004م الموافق 03 ذي الحجة 1424هـ