العدد 508 - الإثنين 26 يناير 2004م الموافق 03 ذي الحجة 1424هـ

ولي العهد والاقتصاد البحريني... الآمال والطموح

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

عندما انكسرت قارورتا التقاعد والتأمينات وبان ما بداخلهما حزن البعض خوفا من أن تمس «سمعة» البلد، لكني من الأشخاص الذين قالوا حينها إن ما حدث هو خيرٌ، فربّ ضارةٍ نافعة، ولعلّ ما حدث هو جرس إنذار من السماء لإعادة حساباتنا اقتصاديا على الأقل... اندلق ما بالجرة واتضح المخبوء فتبين أن ما يسمى «عسلا» صحافيا كان خلا، فحتى الخلّ كاد أن يطير لولا لطف الله بعباده. ولكن بعد كل ما حدث لا يمكن أن نستخف بعقولنا فنرقص الرقص ذاته، فلم يكن «يوبيلا فضيا» يُشكر عليه. دعونا نقول الحقيقة بلا مزايدات، فلا حاجة للرقص وخصوصا بعد معرفة الخسائر، فالذي يُنجح البحرين هو الكلمة الصادقة والنقد البناء، وأنا على يقين بأن هذه الأعوام الثلاثة من عمر الإصلاح - على رغم كل الملاحظات - كانت أعوام شفافية.

لأكثر من ثلاث مرات جئت إلى مطار البحرين وطُردت، وأنا أرى الأجنبي يدخل، لكن في ظل هذه المرحلة الشعور تغيّر، تشعر بالأمن، تتنسم عبق الحرية من دون أن يتوعد بك الرقيب... وكل ذلك ما كان ليحدث لولا نضال شعب آمن بالحرية، وإرادة ملك آمن بالإصلاح. قد نشعر بالتعثر في ملفّ هنا أو ملف هناك ولكن يجب أن نعطي للمشروع عمره الافتراضي من دون أن يمنعنا ذلك عن الإفصاح عما نؤمن به وفق الأطر السلمية.

إنني على يقين بأنه لا توجد إساءة إلى الوطن أكبر من سرقة ماله العام. لذلك، نطالب هؤلاء الكتاب والمثقفين بأن يكفوا عن اتهام الآخرين بالإساءة إلى الوطن، فليس هنالك أكبر من عار الكلمة، وليس هنالك أكبر من فضيحة الزنا بالكلام. هناك أناس توسعوا على حساب الناس وعلى حساب الفقراء، وليس ما نقوله كلاما إنشائيا، فبيننا الأرقام والمستندات شواهد. لقد بدأت ملامح الطبقية الهندية تتضح على ملامح محيا الوطن، فقراء لا يأكلون إلا التراب، وآخرون بدأوا «عاديين» والآن تحولوا - بقدرة قادر - إلى «مليارديرية». وهنا يبقى السؤال: كم هو راتب هؤلاء؟ لذلك، لابد من تفعيل مبدأ «من أين لك هذا؟» ولابد من الكشف عن الذمم المالية.

إن أمثال هؤلاء امتصوا كل كمية الأكسجين الموجودة في فضاء اقتصادنا، وها نحن نشهد النتيجة: فقر في القرى، بطالة تُعالج بالتصريحات الفلكلورية، فساد مالي منتشر، تجاوزات، تبذير في أموال الناس وبدمٍ بارد.

لقد أصبح المواطن البحريني يُعرف بالقروض، هذا عدا عن التمييز الضارب في المؤسسات، ولم تبقَ لنا إلا هذه الكلمة الخجولة التي نطرحها في الصحافة، وكل ما نهدف إليه من نقد بناء هو تفريغ كل هذا البخار المحتقن في أفئدة المواطنين، فليس بإمكاننا - بعد أزمة التقاعد والتأمينات - أن نضحك في بيت عزاء المتقاعدين والمؤمن عليهم طمعا في الحصول على صكوك الوطنية من هذا الصحافي أو ذلك الكاتب.

لهذا مازلنا نقول: لقد جاء اليوم الذي يجب فيه نقد الذات وتصحيح الأخطاء، لهذا عزمنا - بعد التوكل على الله - أن ندعم مشروع جلالة الملك وأن نبارك خطوات ولي العهد خصوصا الاقتصادية منها، فخلال فترة وجيزة استطاع أن يعطي رؤى لمشروعات اقتصادية هادفة تصب في مصلحة الوطن. فالاقتصاد البحريني يحتاج إلى دماء جديدة وإلى عقول منفتحة لنؤمِّن - ولو قليلا - من الخبز المتبقي للأجيال المقبلة بعد ذهاب أكثره.

لهذا، ينبغي أن نضع يدنا بيد سمو ولي العهد وأن نوفر المناخ الآمن لطموحاته في التغيير الاقتصادي، وخصوصا أن الاقتصاد العالمي اليوم لا يمكن أن يثمر في ظل ثقافة التعتيم واحتكار المعلومة. وقد تناهى إلى مسامعنا خبر مفرح - نتمنى صحته - وهو أن مشروع «الفورمولا 1» سيوفر أعمالا إضافية للبحرينيين ستكون لجميع البحرينيين من دون تمييز، وهذا ما نطمح تحققه في هذا المشروع وفي بقية المشروعات كمشروع المرفأ المالي الذي نتمنى أن يتم اختيار القدرات فيه وفق المادة الدستورية الداعية إلى التكافؤ. وأعتقد إذا تم ذلك ستكون هذه المشروعات الخطوة الأولى الصحيحة التي ستعمل على إذابة جليد التمييز وخصوصا بعد تشبع كل المؤسسات الرسمية، والذي نتمناه عدم تكرار الأخطاء الماضية.

أما عن قضية التأمينات والتقاعد فيجب أن تُردّ الأموال وأن يُحاسب بعض المسئولين في ذلك، أما أن تُردّ الأموال من الموازنة العامة فهو بمثابة أخذ المال من الشمال وإعطائها من اليمين، ولكي لا تذهب الجهود هدرا أعتقد أنه يجب على البرلمان أن يحجب الثقة عن وزير أو وزيرين، كما يجب أن يعمل على تغيير الهيكل الإداري لكلا الهيئتين

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 508 - الإثنين 26 يناير 2004م الموافق 03 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً