العدد 507 - الأحد 25 يناير 2004م الموافق 02 ذي الحجة 1424هـ

«هاي» سلاح أميركي جديد

ايمان عباس eman.abbas [at] alwasatnews.com

منوعات

تسعى الولايات المتحدة الأميركية عبر منتجات إعلامية جديدة إلى نشر نفوذها في العالم العربي، فمجلة «هاي» تصطف منذ وقت قصير إلى جانب إذاعة «راديو سوا»، للانفتاح على العرب، وخصوصا جيل الشباب ما بين 18 إلى 35 سنة. وتعرفهم بالجوانب الإيجابية في الحياة الأميركية.

والمثير في الخبر أن الشركة التي أصدرت «هاي» هي شركة مستقلة بمساعدة وتشجيع من وزارة الخارجية الأميركية، ويقال إن فكرة المجلة قد جاءت بها المسئولة السابقة عن الدبلوماسية العامة تشارلوت بيرز، وتقدر موازنة المجلة لمدة عامين بحوالي خمسة ملايين دولار.

مجلة «هاي» التي نزلت في الصيف الماضي إلى الأسواق، يبدو وكأنها قد فصلت خصيصا لتلك الشابات اللواتي يرتدين الضيق من الملابس ولهؤلاء الشباب الذين يتزينون بتسريحة كول. أي أنها ببساطة آخر سلاح للأميركيين في حربهم لكسب عقول الشباب العربي وقلوبهم. وهي كما ذكرت بعض المصادر أيضا أحدث سلاح لأميركا في حربها ضد الإرهاب في الشرق الأوسط.

تتميز «هاي» بورق ثقيل وطباعة أنيقة، لكن الموضوعات التي تتطرق إليها أميركية، فهي تقدم الولايات المتحدة الأميركية كدولة تحقيق الحلم، أما الدول العربية فلم يتم التطرق إليها، ولكن الشيء العربي الوحيد في «هاي» هو بعض المهاجرين المحظوظين، ففي إحدى أعدادها هناك وصف لهؤلاء الذين حققوا شيئا في الولايات المتحدة الأميركية، بينما خلت من جهة أخرى المجلة من الموضوعات السياسية على رغم أن سياسات واشنطن تعتبر السبب الرئيسي في كره الشارع العربي لها. والملاحظ في المجلة أن أكثر مسئولي التحرير هم أميركيون، وعلى ما يبدو لا يعرفون شيئا عن رغبة العرب الجامحة برؤية «إسرائيل» وقد وضع لها حدا.

وعلى رغم عرض المجلة للمجتمع الأميركي كمجتمع متعدد الثقافات، إلا أن القارئ لا يجد أية إرشادات عن تقديم طلبات الانتساب إلى الجامعات في أميركا أو للحصول على حق الإقامة الدائمة «غرين كارت»، ناهيك عن اللغة العربية المتكلفة للمجلة. فأحد الأبواب مثلا يدعى «القائمة الساخنة»، ما لا يعني شيئا بالعربية، إلا أن من يعرف الإنجليزية ينتبه إلى أن المقصود هو «HOT LIST».

وبما أن «هاي» لاتزال في بداية عمرها، فإن من المبكر الحكم على نجاح مشروعها أو فشله، فبينما «سواء» إلى المجتمع مجانا فإن «هاي» تباع في الأسواق، الأمر الذي ربما يبطئ وصول الرسالة الأميركية إلى القارئ العربي.

لكن إصدارها على أي حال يعكس بشكل واضح إصرار أميركا على الوصول إلى الشباب العربي، وإصدارها في هذا الوقت هو بلا شك جزء من استثمار أميركي للعقول العربية في المستقبل لن تظهر نتائجه إلا بعد سنوات عندما يصل حبل الشباب الذي تستهدفه رسالة الأميركيين الحالية إلى سدة المسئولية في بلاده، عندها فقط يمكن معرفة هل «نضجت» الثمرة التي استثمر الأميركيون جهدهم فيها وهل الأجيال العربية المقبلة ستكون أكثر تقبلا للأميركيين أم أكثر كرها لهم.

أخيرا يبقى السؤال، هل سنقبل منتج (ماما أميركا) التي يهمها أمر ثقافتنا وحريتنا أم نقول لها «باي»؟

إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"

العدد 507 - الأحد 25 يناير 2004م الموافق 02 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً