يحزنني كثيرا حال الكثير من فتياتنا الجامعيات، وخصوصا إذا ما رأيتهن متسكعات على محطات البطالة من خريجات الجغرافيا التطبيقية والحاسوب والخدمة الاجتماعية واللغة العربية وغيرها، فقد أصبحن ككرة الطائرة كل وزارة تحاول أن تخلي مسئوليتها بشأنهن فتلقيها على الأخرى. وقبل ان أدخل في موضوع «تأمينات وتقاعد غيت» لابد من الحديث عن هؤلاء الخريجات إذ تحدثت سابقا عنهن وتم توظيف بعضهن ولكن مازال العدد الأكبر «مكانك سر».
جلستُ قبل عام مع وزير التربية ماجد النعيمي في مكتبه بمدينة عيسى بمعية الوكيل إبراهيم جناحي وطرحت على الوزير الكثير من الاشكالات التي «نحملها» على الوزارة، والوزير أبدى تفهما وفي الوقت ذاته كانت الهيئة المدافعة عن العاطلات تباشر أعمالها لايجاد حلٍ... خرجت من عند الوزير وكلي أملٌ في أن أجد بصيص أملٍ لهؤلاء العاطلات، وأنا مؤمن أن الوزير يحمل الطموح الوطني في حل هذه القضية ولكن هناك في الوزارة من تشبع بالبيروقراطية فلا يريد حلا لهؤلاء فحدثت أخطاء وتجاوزات، وأنا هنا مازلت أبحث عن المعلومات الموثّقة، فالقضية قضية وقت وبعدها نبدأ بسلسلة مقالات عن كل صغيرة وكبيرة عرقلت التوظيف وعملت على إغلاق الأبواب، وسنفتح حوارا عن عدة محاور منها: التوظيف، المشتريات، المناقصات، أجنبة التربية، وأمور أخرى سنتطرق إليها في حينها وفي توقيت مناسب يخدم الوطن.
أما عن قضية النواب وموقفهم من أزمة الصندوقين، فقد ذكرت أنه لا يكفي تحقيق التوصيات فلابد أن يثبتوا جدارتهم وموقفهم الوطني بحجب الثقة عن بعض الوزراء، لأن ما حدث لا يقابل بتوصيات فقط بل بحل عملي وبإرجاع كل الأموال التي خُسرت بسبب الشطب أو إلغاء الفوائد، وحتى التي ذهبت بسبب التبذير والإسراف الذي حدث للاستعداد لإقامة مهرجان اليوبيل الفضي، والغريب انه على رغم كل الخسائر المليونية فقد كانت هناك مكافآت تـُعطى لأعضاء مجلس الإدارة وكبار المسئولين في الهيئتين... فعلى مَ؟ وبعضهم يعطى مكافآت تشجيعية... فعلى أي شيء يتم التشجيع؟ فـ «الجمل ذهب بما حمل» و«طارت الطيور - من مصارف وشركات - بأرزاقها»، والمؤمن عليهم نائمون على الحصير، وخوفي يزداد أن يصمت النواب ويرضون بالعروض الانشائية من دون أن يقوموا بحجب الثقة و«كأنك يا فريد ما غزيت».
اختلفنا أو اتفقنا مع النواب... تبقى قضية فضيحة أموال صندوقي التقاعد والتأمينات قضية وطنية تحوّلت الى حسرة دامية في قلوب الناس والقواعد الشعبية. والكثير من الجمهور البحريني مازال أسير الصدمة وكان يطمح إلى أن تتحرك كل المؤسسات وكل المنابر دفاعا عن أمواله... البعض آثر عدم الدخول في هذا الملف واعدا الناس بالدخول فيه بعد فترة زمنية بعد أن ينفض الساحر، وستكون هناك - كما هو الوعد - مفاجآت كبيرة سواء في هذا الملف أو في ملفات أخرى لفساد آخر في مؤسسات أخرى وبصورة أكبر. هنا أقول كلمة: ربما يثبت غالبية النواب فعلا أنهم ليسوا على قدر مسئولية الملف وسيرضون بعد طول صوم بـ «بصلة».
السؤال الذي يفرض نفسه: بعد فشل النواب في عدم تحقيق شيء - لا سمح الله - كيف سيكون دورنا نحن؟ وما هو الموقف الذي سنعتمده لارجاع الأموال أو للضغط سلميا باتجاه إرجاعها وخصوصا أنها أموال قواعدنا الشعبية؟
لقد فرحت كثيرا عندما علمت أن أطياف المعارضة شكلت لجنة للبحث في موضوع التقاعد والتأمينات، ولكنها ستختار الوقت المناسب للكشف عمّا عندها سواء في هذا الملف أو ملفات أخرى عن الفساد في الوزارات والمؤسسات من أجل وضع حد للفساد. هذا الخبر - إن كان صحيحا وإذا ما فعّل على الأرض بصدقية الوثائق والمستندات - سيكون خدمة وطنية إصلاحية كبرى.
إن الفرصة (بما حدث للصندوقين) فرصة ذهبية لا تعوض لمحاربة الفساد والتجاوزات. وهذا الملف يجب ألا يترك حتى تتحقق العدالة، ويجب ألا يكون إرجاع المال من خزانة المال العام بل من أموال المتسببين حتى لا ينعكس ذلك سلبا على خدمات الوزارات فينعكس على الناس
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 505 - الجمعة 23 يناير 2004م الموافق 30 ذي القعدة 1424هـ